بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم، حضرات المستمعين الأكارم، وأهلاً بكم في حلقة أخرى من سلسلة حلقات برنامج نهج الحياة.
لازلنا وإياكم في رحاب سورة الحج المباركة، وأول آية نأتي إلى تفسيرها في هذه الحلقة هي الآية الثانية والخمسين من هذه السورة وهي قوله تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّـهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّـهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٢﴾
كما تتذكرون في الحلقة السابقة ذكرنا أن أعداء العقيدة التوحيدية كانوا يسعون إلى القضاء على هذه العقيدة الحقة، وتأتي هذه الآية المباركة تؤكد على دور الشياطين في الحرب ضد التوحيد وأن الشياطين في المصطلح القرآني من الجن والإنس معاً ولهم ثلاثة أهداف هي:
- إضعاف العقيدة الإيمانية
- محاربة الأنبياء والمرسلين وأولياء الله الصادقين (عليهم السلام) الذين يحملون بشائر الخير للبشرية وبالتالي الحؤول دون إنتشار الأديان السماوية.
لكن في المقابل فإن إرادة الله جل جلاله إقتضت أن تنتصر العقيدة الإيمانية وأنه تعالى شأنه ناصر لأنبيائه ورسله وأوليائه معزاً لدينه ولو كره المشركون وهكذا فإن كيد الشيطان كان ضعيفاً.
والآن إلى ما نستفيده من دروس من هذه الآية:
- إن القوى الشيطانية موجودة في كل مكان وزمان وعلى المؤمنين مواجهتها.
- إن وعد الله حق في نصر الحق على الباطل [قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا].
ويقول تعالى في الآيتين الثالثة والخمسين والرابعة والخمسين من سورة الحج:
لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴿٥٣﴾
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٥٤﴾
ما يمكن أن نلاحظه من خلال قراءة هذا النص، هو أن مؤامرات الأعداء ضد الدين هي مجال للإختبار العملي للجميع، سواء كانوا مؤمنين أو كافرين.
أما الكفار فهم الذين في قلوبهم مرض لا يقبلون الحق ويعادونه بينا يسلمون لوساوس الشيطان، وهكذا وشيئاً فشيئاً يبتعد الكفار عن الحق، وتزداد المسافة بينه وبينهم.
أما الإنسان المؤمن فهو الذي يميز الحق عن الباطل، فيختار الأول وينبذ الثاني؛ إن المؤمنين هم الذين يسلمون أمرهم لله تبارك وتعالى وأن الله هاديهم في الحياة الدنيا ولهم في الآخرة جنات نعيم، فضل من الله وذلك هو الفضل العظيم، على أن إتباع الحق أو الإبتعاد عنه له نتائجه.
نعم.. إن من يتبع الحق له الجنة ومن يبتعد عن الحق له النار، إن مأوى الكافرين جزاءاً بما كسبت أيديهم وما ربك بظلام للعبيد.
ومما نستفيده من هذا النص:
- إن العناد والحسد هما من أمراض الروح، إنها تجعل الإنسان قاسي القلب، ظالماً وللحق رافضاً.
- إن المعرفة الحقة هي التي تساعد الإنسان على تمييز الحق من الباطل وبالتالي قبول الحق والتسليم به.
- إن من يتخذ للحق سبيلاً يرى الله جل جلاله له ناصراً وعضيداً.
وآخر آيات نفسرها في هذه الحلقة، هي الآيات الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين والسابعة والخمسين من سورة الحج الشريفة حيث يقول تباركت أسماؤه:
وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ﴿٥٥﴾
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّـهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿٥٦﴾
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴿٥٧﴾
تشير هذه الآيات إلى الحالة النفسية عند الكفار أن هؤلاء تلوثت نفوسهم بادران الشرك وامتزج بها والعناد وعميت بصيرتهم وهم على هذا الحال في الدنيا وفي القيامة يرون بأم عينهم إنهم كانوا على غير الحق ويساقون إلى سوء العذاب، وفي ذلك اليوم يقول الكافر ياليتني كنت تراباً.
إن يوم القيامة هو يوم الحساب والحاكم العادل في ذلك اليوم هو الله جل شأنه.
نعم.. إن الله تعالى يجزي الإنسان بما كسبت يداه فإن كان من الكافرين فمأواه النار وبئس المصير.
ومما يفيدنا هذا النص القرآني:
- إن الشك إن كان مقدمة الوصول لليقين فلا ضير منه أما إذا رافق الإنسان طيلة حياته فإنه يسير به نحو الضلال.
- إن يوم القيامة آت لا محالة، لكن وقوع الساعة من أمر الله تعالى ومن علمه وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
- وفي يوم القيامة يرى الإنسان عاقبة أعماله في الدنيا فالجنة للشاكرين والنار للعاصين.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
حضرات المستمعين الأفاضل وصلنا وإياكم إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج، نهج الحياة، جاءتكم من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.
طبتم وطابت لكم الأوقات إلى اللقاء والسلام خير ختام.