بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
السلام عليكم – حضرات المستمعين – وأهلا بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.
أعزاءنا، في هذه الحلقة نقدم لكم تفسيراً لآيات أخرى من سورة الأنبياء ونبدأ بالآية التاسعة بعد المئة، حيث يقول تعالى:
فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۖ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ ﴿١٠٩﴾
كما مر علينا في الحلقة السابقة فإن الله تعالى اعتبر بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله (ص) رحمة للعالمين، حيث خاطبه القرآن الكريم بقوله (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
وفي هذا النص، أي الآية 109 من سورة الأنبياء، يأتي الخطاب إلى النبي (ص) والمؤمنين بأن لا يتوقعوا أن يسير كل الناس على خط التوحيد، وواضح لمن يسير أغوار التاريخ ويطالع أحداث الحاضر، أن من الناس من يرفض الحق ولا يتخذ إليه سبيلاً.
والحقيقة أن الرسل والأنبياء (ع) إنما هم منذرين ومبشرين [إنما أنت منذر لست عليهم بمسيطر] وأما جزاء الكافرين فهو بيد الله جل شأنه، إن أراد عاقبهم في الدنيا، وإن شاء أنزل عليهم العقاب في القيامة وأنه تبارك وتعالى فعال لما يشاء.
والمستفاد من هذا النص:
- إن بعثة الرسل والأنبياء خاصة خاتمهم رحمة للعالمين.
- إن الله خلق الإنسان مختاراً ومن هنا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وكل نفس بما كسبت رهينة.
ويقول تعالى في الآية العاشرة بعد المئة من سورة الأنبياء (ع):
إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ ﴿١١٠﴾
إن ربنا جلت قدرته هو العليم القدير إنه يعلم سر الإنسان وما يعلن وإنه لحكمته المتعالية يمهل ولا يهمل.
نعم.. إن الله الذي خلق الإنسان وخلق هذا العالم، عالم بما يجري فيه، وما من صغيرة ولا كبيرة إلا أصحاها.
إن علم الله لا حدود له، عالم الغيب والشهادة، إنه تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أما الإنسان فإدراكه وعلمه قائم على أساس حواسه ومن هنا فهو لا يعلم ما يتجاوز حدود الإدراك الحسي والفهم الشعوري.
ويفيدنا هذا النص:
- إن عدم تجانس أقوال البعض مع أفعالهم يعلمه الله، أما الناس مع أفعالهم لا يعلمون ذلك.
- العلم الإلهي فوق علم الإنسان ولعل هذا هو المراد من قوله تعالى [وفوق كل ذي علم عليم].
ويقول تعالى في الآية الحادية عشرة بعد المئة من سورة الأنبياء (ع):
وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ﴿١١١﴾
إن إمهال الإنسان من قبل الله وعدم التعجيل في نزول العقاب على الكافرين هو من أجل إمتحانهم وفسح المجال أمامهم للآوبة والتوبة، وهذا كله من رحمة الله بالخلق.
والمأخوذ من هذا النص الكريم:
- إن الدنيا عمرها قصير وما أجدر بالإنسان أن لا ينخدع بهذه الدنيا الفانية ويقول لها كما قال مولانا أميرالمؤمنين عليه الصلاة والسلام (إليك عني غري غيري).
- إن الدنيا هي بودقة الإختبار ومكان الإمتحان وعند الإمتحان يكرم المرء أو يهان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولنستمع إلى تلاوة الآية الثانية عشرة بعد المئة من سورة الأنبياء:
قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ ۗ وَرَبُّنَا الرَّحْمَـٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴿١١٢﴾
هذه الآية هي الآية الأخيرة من سورة الأنبياء، إنها تبين قولاً للنبي الأكرم (ص) الذي يطلب من الله تعالى أن يكون الحاكم بينه وبين الكافرين الذين هم عن الحق معرضون.
ويستفاد من هذا النص التالي:
- إن الحكم في كل واقعة لابد أن يكون على أساس الحق.
- إن الأنبياء والرسل والذين يسيرون على نهجهم الشريف الوضاء هم أتباع الله، إليه يرجعون وعليه في كل الأمور يتوكلون ومن يتوكل على الله فهو حسبه.. أما الكفار الذين حرموا رحمة الله، إنما هم للأصنام والأوثان عابدون وهي لا تفيدهم ولا تضرهم في شيء.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
حضرات المستمعين الأفاضل، بفضل من الله وتوفيقه وصلنا إلى نهاية تفسير سورة الأنبياء المباركة، حتى اللقاء القادم من نهج الحياة، نستودعكم الله والسلام خير ختام.