بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
سلام من الله عليكم حضرات المستمعين الأكارم وأهلاً بكم في حلقة أخرى وجديدة من برنامج نهج الحياة، حيث نتابع تفسير آيات أخرى من سورة الأنبياء المباركة ونبدأ بالإستماع أولاً إلى تلاوة الآيتين الحادية والخمسين والثانية والخمسين من هذه السورة، حيث يقول تعالى شأنه:
وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴿٥١﴾
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴿٥٢﴾
تحدثت سورة الأنبياء عن 16 من أنبياء الله ورسله (ع)، على أن العديد من آياتها تحدثت عن سيرة سيدنا إبراهيم (ع) ومحادثاته مع عبدة الأصنام، والملاحظ من النص الذي تلي وآنفاً أن الله تعالى وجد إبراهيم جديراً بتلقي الوحي والرسالة والنبوة، ومن هنا أعدّ الله هذا النبي العظيم لهداية الناس إلى سبيل الرشاد.
وكان إبراهيم وهو في مرحلة الصبا من عمره الشريف، إعترض على أبناء قبيلته لعبادتهم الأصنام، والحق أن إبراهيم (ع) كان مؤهلاً لتحمل إعباء الرسالة الربانية والدعوة إلى الهدى والحق والفضيلة.
وما يفيده هذا النص المبارك هو:
- إن الله جل جلاله يختار الصفوة من عباده لتبليغ رسالاته.
- ينبغي البدء بالأقربين في الهداية والإرشاد، حتى أن نبينا (ص) أُمر بإنذار عشيرته الأقربين.
- إن أكبر منكر هو الشرك وعلى الدعاة الدينيين العمل من أجل إزالة براثنه من المجتمع.
ويقول تعالى في الآيتين الثالثة والخمسين والرابعة والخمسين من سورة الأنبياء (ع):
قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴿٥٣﴾
قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٥٤﴾
بعد أن سأل إبراهيم (ع) المشركين عن سبب عبادتهم الأصنام قالوا له إنا وجدنا آباءنا يعبدونها ونحن عليها عاكفون. والحق أنه لا دليل لدى الإنسان أن يسير في مسير خاطئ كان آباؤه من قبل قد سلكوه، والدروس المأخوذة من هذا النص هي:
- إن سلوك أي جيل يؤثر سلباً أو إيجاباً على الجيل أو الأجيال التي تليه وربما مشى الناس في طريق معوجة اختطها من قبلهم الآباء والأجداد.
- إنه خلاف العقل والمنطق التقليد الأعمى للآخرين ومنهم الأسلاف والماضين.
- في أمور العقيدة لابد من سلوك سبل المنطق والإستدلال.
ولنستمع إلى تلاوة الآيتين الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين من سورة الأنبياء (ع):
قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ﴿٥٥﴾
قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴿٥٦﴾
لقد كان سيدنا إبراهيم (ع) مصراً على دعوة قومه إلى التوحيد ونبذ عبادة الأصنام، بيدأن قومه تصوروا أنه ليس جاداً في دعوته هذه، لم يكن قوم إبراهيم عليه السلام، يتصورون أن يأتي أحدهم ليقف بوجه ما كانوا به يعتقدون، على أن نبي الله إبراهيم الخليل (ع) أحدث في مجتمع هؤلاء القوم ثورة التوحيد وأبان لهم أن أصنامهم لا تنفع ولا تضر وأن الجدير بالعبودية هو الله الواحد الأحد رب السموات والأرضين.
والذي يمكن أن نستقيه من هذا المنهل الإلهي هو:
- لابد من الوقوف بكل جدية وحزم أمام الإنحرافات الفكرية ولابد من إرشاد الضالين إلى طريق الصواب فالسبات الفكري مرض وبيل يلم بالمجتمع ولابد من معالجته بأنجع السبل وأنجح الطرق.
- إن خالق الإنسان والكون، يعني الله العزيز الحكيم، بيده ملكوت كل شيء، إنه المدبر لهذا العالم بكل ما فيه وإنه تعالى شأنه لم يفوض أمر التدبير إلى غيره.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا انتهت هذه الحلقة من برنامج [نهج الحياة] قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، إلى اللقاء والسلام منا خير ختام.