بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، السلام عليكم حضرات المستمعين وأهلاً بكم في حلقة أخرى من نهج الحياة، حيث نقدم تفسيراً موجزاً لآيات أخرى من سورة الأنبياء المباركة.
ونبدأ بالإستماع الى تلاوة الآيتين الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين من هذه السورة:
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴿٣٤﴾
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴿٣٥﴾
في الحلقات السابقة مر علينا أن هذه السورة المباركة تتضمن آيات ترد على شبهات الكفار والمشركين في كل عصر وزمان.
نعم، كان مشركو مكة يتصورون أن موت النبي (ص) سيضعف الذين يعادون أصنامهم وأوثانهم، ويأتي هذا النص يؤكد أن الموت للجميع وأنه لاحياة أبدية في الدنيا وأن الدنيا إلى زوال، بينما الآخرة دار البقاء.
وهناك نقطة أخرى توضحها هاتان الآيتان وهي أن دين أي نبي لا يموت بموته، بل إن الأديان السماوية ومبادئها حية خالدة، ومن يتقصى تاريخ الرسل والأنبياء (عليهم السلام) يلمس بوضوح وعن قرب هذه الحقيقة.
نعم، سيدنا ابراهيم (ع) أقام قواعد البيت الحرام وأذن في الناس بالحج الذين جاؤوا رجالاً ونساءاً من كل فج عميق ومات إبراهيم، بيدأن الحج لم يمت، إنه خالد حتى تقوم الساعة ويرث الله الأرض ومن عليها.
وكيفما كان فإن الحياة الدنيا ممر إلى الآخرة المقر والدنيا دار امتحان، فهنيئاً لمن ينجح في هذا الإمتحان.
أجل، كل نفس ذائقة الموت والى الله يرجع الناس، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره.
والدروس المستفادة من هذا النص هي:
- من سنن الله في الحياة، محدودية الحياة الدنيوية للإنسان بين الولادة والوفاة.
- إن كل البلايا ما هي إلا امتحان إلهي، الكل في امتحان ليمحص المؤمن عن غيره.
- إن الموت ليس نهاية الطريق بل إنه سبيل إلى عالم آخر ومن بعد ذلك الوفود على الكريم المنان.
ويقول تعالى في الآية السادسة والثلاثين من سورة الأنبياء (عليهم السلام):
وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَـٰذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ ﴿٣٦﴾
تتحدث هذه الآية عن الخلق السئ للمشركين الذين كانوا لعجزهم يسخرون من رسول الله (ص).
نعم، إن رسول الله (ص) هو على الحق المبين بينما المشركون على الباطل المهين، إن الكفار في كل زمان ومكان ينعمون بالنعم الإلهية، إلا أنهم لا يشكرون الله عليها، بينا العقل السليم يوجب شكر المنعم المتعال جل جلاله.
وكيفما كان فإن الذي يفيده إيانا هذا النص هو:
- إن السخرية دأب المعارضين للشرائع السماوية لأنهم ليس لهم القدرة والمنطق الذي ينهض للدفاع عن عقائدهم البالية.
- من سفاهة الكفار عدم إكتراثهم بالكفر وعبادتهم أجساماً صماء لا تضر ولا تنفع.
وآخر آية نفسرها في هذه الحلقة من نهج الحياة هي الآية السابعة والثلاثين من سورة الأنبياء وهي قوله تعالى:
خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ﴿٣٧﴾
تؤكد هذه الآية على خصوصية عند الإنسان وهي العجلة في كل شيء.
نعم، العجلة عند الإنسان أمر ملحوظ وكأنه من العجلة خلق ولهذا يقول تعالى (كان الإنسان عجولاً) وإذا كانت العجلة فهي في أعمال الخير مرغوبة وخير البر عاجله والمسارعة للمغفرة أيضاً أمر مطلوب، لكن لم يعجل الإنسان في أعمال الشر؟
إن الكفار كانوا يستعجلون العذاب الإلهي وربما استعجلوه لأنهم لا إيمان لهم بقدرة الله بيدأن عذاب الله آت للكفار كما يشاء هو فهو جل جلاله يمهل ولا يهمل.
ويفيدنا النص الآتي:
- إن العجلة في الأعمال أمر مذموم إلا إذا كان هناك مسوغ عقلي أو شرعي للتعجيل بعمل ما.
- إن العجلة من الغرائز إذن في إمكان الإنسان أن يتحكم بها بدلاً من الإنسياب وراءها.
نسأل الله تعالى التوفيق والرشاد والسلام خير ختام.