وأبدى مقررون خاصون في الأمم المتحدة مخاوفهم من إصدار حكومة المملكة العربية السعودية أحكام إعدام على أفراد بتهم تتعلق بممارسة حقوق أساسية في التعبير عن الرأي وحرية المعتقد والدين.
وفي 29 نوفمبر 2019 أرسل عدد من المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة رسالة إلى حكومة السعودية حول قضية كل من الدكتور علي العمري، الشيخ عوض القرني، الشيخ سلمان العودة، بعد تلقيهم معلومات مقلقة عن تعرضهم لسلسلة من الانتهاكات ومطالبة النيابة العامة بقتلهم.
واعرب المقررون الخاصون عن قلقهم من كافة الادعاءات التي تنهك موادً في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق العربي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، وطالبوا السعودية بضمان الحق في حرية الفكر والوجدان والمعتقد، وأكدوا أن الحق في التعبير يشمل الحق حرية البحث عن المعلومات والأفكار بجميع أنواعها وتلقيها ونقلها.
الرسالة لفتت نظر الحكومة إلى تقرير المقرر الخاص السابق المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية أثناء مكافحة الإرهاب عقب زيارته للسعودية والذي أعرب فيه عن “قلقه البالغ إزاء عدم مراعاة الأصول القانونية في قضايا الإرهاب بشكل عام، وخاصة في الحالات التي تنطوي على فرض عقوبة الإعدام”، إلى جانب تشجيعه الحكومة مراجعة عاجلة لجميع الحالات الحالية التي يُعامل فيها السجناء المتهمون والمحكوم عليهم بقانون الإرهاب، عقوبة الإعدام، من أجل ضمان الوفاء بالمعايير الدولية الدنيا في كل حالة.
المقررون أشاروا إلى أن عقوبة الإعدام في حال لم يتم حظرها يجب أن تفرض فقط بعد الامتثال لمجموعة صارمة من المتطلبات الموضوعية والإجرائية، وعلى وجه الخصوص، لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام إلا على “أخطر الجرائم” التي تنطوي على القتل العمد. وأبدت الرسالة القلق من أن الأفراد المذكورين قد تم اتهامهم وقد يحكم عليهم بالإعدام بسبب جرائم لا تصل إلى هذا الحد، بل هي عقوبة على سلوك ديني أو معتقد.
كما أكد المقررون أن فرض عقوبة الإعدام، وتنفيذها لاحقًا بعد انتهاء محاكمة لم تتم فيها الإجراءات القانونية الواجبة ولم تُحترم معايير المحاكمة العادلة، تشكل جريمة قتل تعسفي تتحمل الدولة مسؤوليتها.
في ضوء ما تقدم، حث المقررون الحكومة على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان عدم الحكم على الأفراد المذكورين بالإعدام، ومحاكمتهم وفقًا للمعايير الدولية، كما دعوها إلى فرض حظر رسمي على عقوبة الإعدام، والنظر في إلغائها بالكامل. الرسالة طالبت السعودية بتقديم معلومات إضافية حول كافة الادعاءات، وإلى وقف كافة الانتهاكات ومنع تكرارها وضمان مساءلة أي شخص مسؤول عنها.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن رسائل المقررين الخاصين المتتالية للحكومة السعودية، وخاصة فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، تؤشرعلى استفحال هذا التوجه الجائر، حيث تطال بشكل واسع أفرادا مارسوا حقوقا أساسية مكفولة بموجب القانون الدولي. وتشير المنظمة إلى أن مماطلة الحكومة السعودية في الرد خلال المهل المحددة أو في حال الرد بمزاعم غير واقعية، يظهر طبيعة تعاملها مع الآليات الأممية، واستهتارها بتعهداتها، وقد يصدر حكم الإعدام وينفذ على الرغم من كافة الانتقادات. تشدد المنظمة أن على مجلس حقوق الإنسان أن يستخدم آليات أكثر جدية وصرامة للتعامل مع هذه الانتهاكات.
وفي سبتمبر/أيلول 2018 طلبت النيابة العامة السعودية باستصدار حكم القتل تعزيرا ضد "العودة"، ووجهت إليه 37 تهمة من بينها "التحريض ضد نظام الحكم"، وذلك وفقا لمنظمة القسط الحقوقية السعودية ومقرها لندن، وناشطون آخرون.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، طالبت النيابة العامة السعودية بمعاقبة "العمري" بـ"القتل تعزيرا"، وذلك خلال جلسة سرية عقدتها المحكمة الجزائية المتخصصة.
ووجهت النيابة العامة إلى "العمري" أكثر من 30 تهمة؛ منها: "تشكيل منظمة شبابية لتحقيق أهداف تنظيم سري إرهابي داخل المملكة".
ويعاني "العمري"، المعتقل منذ سبتمبر/أيلول 2017، إصابات عديدة، مما تعرض له طيلة فترة اعتقاله في العزل الانفرادي، التي استمرت نحو 15 شهرا، وليس معروفا على وجه الدقة، وضعه الصحي.
وجاء اعتقال الدعاة الثلاثة ضمن سلسلة اعتقالات أخرى طالت العشرات من الدعاة والعلماء، في حملة قمع يشنها محمد بن سلمان ضد معارضيه، وفق ما ذكرته منظمات حقوقية عالمية.