البث المباشر

تفسير موجز للآيات 25 الى 29 من سورة الانبياء

السبت 7 مارس 2020 - 18:55 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 567

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم حضرات المستمعين الأكارم وأهلا بكم في حلقة أخرى وجديدة من برنامج نهج الحياة.

لا زلنا وإياكم في رحاب سورة الأنبياء المباركة وقد أنهينا تفسير 24 منها، وفي هذه الحلقة نبدأ بالآية الخامسة والعشرين، حيث يقول تعالى شأنه:

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴿٢٥﴾

إن نظام الوجود إن كان له أكثر من خالق وإله فإن الفساد والإضطراب يدبان فيه وعليه فإن انتظام الكون بكل مكوناته يدل على وحدانية الخالق جل جلاله، وفي نص هذه الآية الكريمة ما يدل بوضوح على أن كل الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام جاءت دعوتهم لعبادة إله واحد لا غير.

والنصوص على وحدانية الباري تعالى كثيرة سواء في القرآن الكريم أو السنة المطهرة أو في كلام أهل البيت الطاهر سلام الله عليهم.

أليس القرآن يقول (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) وهذا المعنى أومأ إليه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في كلامه الشريف ووصاياه للأمة.. ومما يستفاد من هذه الآية:

  •  إن التوحيد هو أساس كل الشرائع والأديان السماوية، ومن هنا نلاحظ أن عقيدة النصارى بالتثليث (أي الأب والإبن وروح القدس) تتناقض بالكامل مع رسالة التوحيد التي حملها عيسى بن مريم (ع).
  •  ليس الإيمان بمنفصل عن العمل، وأنى للإنسان أن يقول أنا مؤمن ولا يتعبد لربه؟

ويقول تعالى في الآيتين السادسة والعشرين والسابعة والعشرين من سورة الأنبياء (ع):

وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ﴿٢٦﴾

لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴿٢٧﴾

إذا كان المسيحيون قالوا أن عيسى إبن الله وإذا كان اليهود قالوا عزير إبن الله فإن كفار قريش قالوا إن الملائكة بنات الله، تعالى الله عما يقول كل هؤلاء علواً كبيراً، فربنا جل وعلا واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً.

والملائكة هم عباد مكرمون لا يسبقون الله بالقول وإنهم بأمره يعملون.

ومما يفيده إيانا هذا النص الشريف:

  • لابد من تنزيه الله تعالى وبيان العقيدة الحقة التي هي عقيدة التوحيد الخالص.
  • إن كرامة الإنسان في تسليمه لله تعالى وعبادته تباركت أسماؤه.

وآخر آيتين نفسرها في هذه الحلقة، هما الثامنة والعشرين والتاسعة والعشرين من سورة الأنبياء، وهما قوله عز من قائل:

يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴿٢٨﴾

وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴿٢٩﴾

إن الملائكة الكرام هم الواسطة بين الفيض الإلهي والإنسان، ووحي الله تعالى إنما ينزل على الأنبياء والرسل (ع) بواسطتهم، الله سبحانه وتعالى اختارهم لهذه المهمة وهم أهل لها، عباد مطيعون لربهم تعالى شأنه مسبحين مقدسين، وليس لهم أن يغيروا في مشيئة الله وإرادته، بل هم طوع إرادته.

وفي قبال هذه العلاقة المبنية على العبودية بين الملائكة والخالق المتعال، يأتي الكفار فيقولون أن الملائكة أرباب من دون الله.

والآن نبين الدروس التي يمكن أن نستقيها من هذا النص الشريف، فهي:

  •  إن الشفاعة هي من أعمال الأنبياء والملائكة ولكن بإذن الله، والشفاعة إنما ينالها من رضى الله عن دينه وعقيدته.
  •  إن قبول أية عقيدة باطلة تعد ظلماً، نعم إنه ظلم بالنفس وظلم بالأنبياء (ع) الذين تحملوا الصعاب والمشاق من أجل تبليغ رسالات الله عزوجل.

جعلنا الله وإياكم من السائرين على نهج الأنبياء (ع) والمتمسكين بعروتهم التي هي عروة الله الوثقى، آمين يا رب العالمين.

حضرات المستمعين الأفاضل هكذا إنتهت حلقة أخرى من نهج الحياة.

نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة