بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على نبينا خاتم الرسل والنبيين سيدنا محمد وعلى عترته الأخيار المنتجبين.
أسعد الله أوقاتكم بالخير سيداتي وسادتي وأهلا بكم في حلقة أخرى من نهج الحياة.
حتى الآن فسرنا عشر آيات من سورة الأنبياء (ع)، وها نحن ماضون في تفسير آيات أخرى بعون الله عزوجل ونبدأ بالآيتين الحادية عشرة والثانية عشرة منها وهي قوله تعالى؛
وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴿١١﴾
فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ﴿١٢﴾
مر علينا أن مشركي مكة واجهوا بشراسة الرسالة الإسلامية الغراء وبعناد ولجاج تعاملوا مع وحي السماء وضيقوا على النبي (ص) كي يثنوه عن دعوته المباركة.
ويأتي هذا النص المبارك يحذر الكفار ويقول لهم أن الكفر بآيات الله وتكذيب الأنبياء (ع) هو ظلم عظيم وأي مجتمع يسود فيه الظلم فإن عذاب الله عليه نازل لا محالة وأن الله تعالى بقدرته مبيد الظالمين وناصر المظلومين.
إن سنة الله تعالى في خلقه هو كسر شوكة الظالمين والمجيء من بعدهم بقوم مؤمنين، لكن الظالمين في غي وغرور، إنهم يتصورون أنهم في مأمن من غضب الله، ألا ساء ما كانوا يفعلون.
إن الكفار حينما يرون علائم العذاب الإلهي يحاولون الفرار منه، لكن أنى لهم الفرار وعذاب الله آت لا راد له إلا هو جل جلاله.
والذي يستفاد من هذا النص هو التالي:
- إن وعد الله حق في نصرة المظلوم والقضاء على الظالم.
- إن الله يعاقب الظالمين في الدنيا كي يكونوا عبرة لغيرهم.
ويقول تعالى في الآية الثالثة عشر من سورة الأنبياء:
لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴿١٣﴾
إن الظالمين هم الذين يبنون قصورهم على أساس الظلم وأكل حقوق الآخرين، إنهم يتصورون أن هذه القصور ستصد عنهم العذاب الإلهي، لكن سرعان ما يتبخر هذا التصور من عقولهم ومن عذاب الله يفرون.
وما يفيده هذا النص هو:
- إنه لا مفر من غضب الله والحال هذه ليس أمام الإنسان سوى الصلاح والإصلاح.
- إن التمادي في الإنغماس في الملذات من شأنه نزول الغضب الإلهي، فما أجدر الإنسان أن ينأى عن غضب الله تعالى بالأوبة إليه.
ويقول تعالى في الآيتين الرابعة عشرة والخامسة عشرة من سورة الأنبياء المباركة:
قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾
فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿١٥﴾
عندما يرى الظالمون أن العذاب إليهم آت، يقرون ببعض ذنوبهم علهم عن هذا العذاب ينأوون، لكن ما جدوى مثل هذا الإقرار بالذنب؟ إنه يجيء في حال الإضطرار ولا يصدر عن الشخص المذنب بمحض الإختيار.
إن الله تعالى هو التواب الرحيم يقبل التوبة من عباده المذنبين بيد أن التوبة إنما تقبل في وقتها المناسب وعندما يقبل عليها الإنسان طوعاً لا كرهاً وإظهار الندم حين نزول العذاب لا فائدة منه.
ومن يقرأ التاريخ يرى أن من الطغاة من ندموا بعد فوات الأوان، ففي قصة موسى (ع) جاء أن فرعون لما حل به العذاب ولما رأى أمواج النيل تتقاذفه ذات اليمين وذات الشمال أسف على ما فعل وندم ولات حين مندم.
والآن الى الدروس المأخوذة من هذا النص الشريف، فهي كالتالي:
- إن عاقبة الظلم الندم لكن ما جدوى الندم بعد فوات أوانه؟
- إن الظلم هو من كبائر الذنوب فيه من كبير الضرر على الظالم وعلى المظلوم.
حضرات المستمعين الأفاضل نشكر لكم حسن متابعتكم هذا البرنامج ونسألكم الدعاء والسلام خير ختام.