بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على سيد الخلق أجمعين نبي الهدى والرحمة محمد بن عبد الله وعلى أهل بيته أهل التقى والعصمة.
السلام على حضرات المستمعين الأكارم في كل مكان، هذه حلقة أخرى وجديدة من نهج الحياة وفيها نعرض تفسيراً لآيات أخرى من سورة طه الشريفة ونبدأ أولاً بالإستماع إلى الآية الخامسة عشرة بعد المئة منها؛
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴿١١٥﴾
هذه الآية 115 وما بعدها تتحدث عن آدم وحواء وعداء الشيطان لهما.
ويستفاد من آيات القرآن الكريم إن آدم وحواء سكنا أو أسكنا في بيئة تشبه الجنة تتوفر فيها كل مستلزمات الرفاهية للإنسان ولم يكن آدم وزوجه في ذلك الوقت مكلفين بمهمة إلهية وكانا ينعمان كما شاءا بنعم الله تعالى.
وكان الله تعالى أوصاهما أن لا يقربا من شجرة عينها لهم ولا يأكلا من ثمارها وأن يحذرا الشيطان المضل؛ والذي حدث أن آدم وزوجه حواء أكلا من تلك الشجرة وكان أن أخرجهما الله من تلك الجنة.
لكن ما الذي نستفيده من نص الآية؟ نعم يمكن أن نلخص الفائدة في نقطتين هما:
- إن الله يذم الذي لا إرادة حازمة له.
- إن الله أراد، بل عاهد الإنسان أن يحفظ له كرامته بيدأن قدم الإنسان هي التي تزل.
ويقول تعالى في الآيتين السادسة عشرة والسابعة عشرة من سورة طه:
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ ﴿١١٦﴾
فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ﴿١١٧﴾
بعد أن خلق الله تعالى آدم، أمر الملائكة بالسجود به تعظيماً ولكي يبين الله جل جلاله أفضلية الإنسان على الملائكة وسجد الملائكة لآدم، أما إبليس وكان من الجن ففسق عن أمر ربه ولم يسجد لآدم.
جدير أن نذكر أن الله جعل ابليس في ذلك الوقت مع الملائكة لكثرة عباداته وإلا فإنه ليس من الملائكة.
منذ ذلك الوقت وذلك الحدث، أعلم الله الإنسان إن إبليس ونسله عدو مبين له وإنه للبشرية ضال ومضل لا يريد لها السعادة بل الشقاء.
والمستفاد من هذا النص الشريف:
- إن الله فضل الإنسان على الملائكة وعلى الجان وهذا التفضيل من نعمه جل ثناؤه.
- إن الشيطان عدو الإنسان ذكراً كان أم أنثى عداء بدأ منذ بدو الخلقة وهو مستمر إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم ظهور المهدي الموعود (عج) كما ورد في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام).
ويقول تعالى في الآيتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة بعد المئة من سورة طه:
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ ﴿١١٨﴾
وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ ﴿١١٩﴾
الذي يبدو من هذا النص الشريف وكما أشرنا في بداية البرنامج، أن الله تعالى اختار لآدم وحواء مكان سكن تتوفر الرفاهية فليس لهما فيه أن يجوعا أو يعطشا أو يعريا.
نعم.. في الجنة التي أسكن آدم وزوجه فيها المأكل والمشرب والملبس لا يشعران فيها ببرد أو حر.
وما يفيده هذا النص هو:
- إن الحياة في الدنيا مقرونة بالمشقات مثل الجوع والعطش.
- إن إتباع سبيل الله هو الموصل إلى الجنة التي فيها السعادة والهناء.
ويقول ربنا تبارك وتعالى في الآية العشرين بعد المئة من سورة طه:
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ ﴿١٢٠﴾
إن الذي حدث لآدم هو ما توقعه الله، نعم ظهر ابليس لآدم في هيئة أخرى غير التي رآها آدم يوم سجود الملائكة له وأخذ يغريه بالأكل من الشجرة التي حذره الله من التقرب منها، واستجاب آدم لعرض ابليس وحرم من النعيم الذي كان فيه.
والمستفاد من هذا النص القرآني الكريم:
- إن الإنسان حر في إرادته والشيطان لا يجبره على فعل عمل ما، إنما يوسوس له.
- إن هوى النفس هو الذي يجعل للشيطان سلطان على الإنسان.
على أي حال مع الأخذ بنظر الإعتبار أن آدم (ع) كان نبياً وأن الأنبياء معصومون فإن فعل أدم ليس ارتكاب الخطأ بل هو من قبيل ترك الأولى ولا يسع المجال هنا لتفصيل الأمر وقد جاء منا تفصيله في قصة آدم في تفسير سورة البقرة.
عصمنا الله وإياكم من هوى النفس ومن الخطأ والزلل ووفقنا للعلم والعمل إنه الكريم المنان.
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشداً..
طبتم وطابت أوقاتكم حضرات المستمعين الأفاضل والسلام خير ختام.