والحرص بالتالي على "صحة" الرؤساء والملوك والأمراء العرب المشاركين فيها بالتالي، مثلما قال السيد أحمد أبو الغيط، أمين عام الجامعة العربية أثناء زيارته الخاطفة للعاصمة الجزائرية قبل يومين، وإنما لأن الدولة الجزائرية التي ستستضيف هذه القمة لا تريدها "باهتة" وفارغة المضمون، يغط خلالها المشاركون بالنوم العميق مثل معظم، إن لم يكن كل القمم السابقة.
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يريد أن تؤرخ القمة القادمة التي سيتزعمها لعودة سورية إلى الجامعة العربية، ومؤسسة القمة العربية بالتالي، وإعادة التوازن إلى العمل العربي المشترك، وإنهاء هيمنة الدول الخليجية التي جمدت هذا العمل، وأغرقت معظم الدول العربية في حروب دموية، ونحن نتحدث هنا عن سورية وليبيا واليمن والعراق على وجه الخصوص.
الجزائر تستعيد دورها المحوري في الميدانين العربي والعالمي، بعد أن تجمد هذا الدور، وخرج من كل المعادلات لأكثر من عشرة أعوام بسبب حالة الشلل والعجز لقيادتها السابقة، وسيطرة "مافيات" الفساد على قرارها السياسي الداخلي والإقليمي.
التعافي الجزائري على الصعد كافة، يؤشر لعودة قوية للدبلوماسية الجزائرية، التي افتقدها العمل العربي المشترك، وتصحيح خطأ سنوات هيمنة المال الخليجي، بالتواطؤ مع الولايات المتحدة في تدمير المشروع العربي المشترك وضرب مراكزه الرئيسية، وفتح أبواب المنطقة على مصرعيها للمشاريع غير العربية، وأبرزها المشروع الإسرائيلي.
الحجيج الإقليمي لزعماء وقادة ووزراء الدول العربية والإقليمية والدولية إلى العاصمة الجزائرية هذه الأيام ينبئ بمرحلة تغيير قادمة تنطلق هذه المرة من الاتحاد المغاربي، ومن المتوقع أن تؤدي إلى انفراجات إيجابية في العديد من الملفات الشائكة مثل الملفات السورية والليبية واليمنية، والفلسطينية بالطبع، فالجزائر، كانت وما زالت شعبا وقيادة، تقف بصلابة مع القضية الفلسطينية باعتبارها بوصلة الكرامة العربية والإسلامية.
زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الرياض كانت تهدف إلى إنهاء حالة التصدع في العمل العربي المشترك، ولملمة الشمل مجددا، ونفض غبار الإهمال عن الجامعة العربية، وتفعيل مؤسسة القمم العربية، وضخ دماء المسؤولية في شرايينها المجمدة، وإنهاء دور الجامعة العربية كأداة لتشريع مشاريع التدخل الغربية، والأمريكية خصوصا، في الشؤون الداخلية العربية، وبذر بذور الفتنة والحروب الأهلية.
تأجيل القمة، وبقرار جزائري، يعني أن القمة المقبلة ستكون مختلفة، ولن تعقد إلا بحضور سورية، وتصحيح خطأ تاريخي جرى ارتكابه في مرحلة من أسوأ مراحل الانهيار العربي، ووضع حد للخلافات واجتثاث الفيروس الأخطر الذي يهدد هذه الأمة وهو "فيروس" الفتنة والارتهان للغرب الذي يعتبر الأكثر فتكا وخطورة.