بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه الله خاتماً للأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد بن عبد الله وعلى أهل بيته الأبرار، السلام عليكم أيها الأكارم وأهلاً بكم في حلقة أخرى وجديدة من نهج الحياة.
خمسون آية من سورة مريم المباركة عرضنا تفسيرها بشكل موجز على مدى عدة حلقات من هذا البرنامج.
والآن نستمع إلى تلاوة الآية الحادية والخمسين من هذه السورة:
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىٰ ۚ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ﴿٥١﴾
سورة مريم المباركة تحدثت فيما تقدم من آياتها عن العديد من الأنبياء مثل زكريا ويحيى وعيسى وابراهيم عليهم السلام، وتشير هذه الآية إلى نبي الله موسى عليه السلام، وهو من الأنبياء أولي العزم وتصفه بأنه رسولاً نبياً، ومن الواضح أن كل رسول نبي، لكن ليس كل نبي رسول، فالرسول متصل بالوحي الإلهي مباشرة، بينا النبي قد يأتيه الوحي إلهاماً فقط، والرسالة منزلة سامية حيث أن من واجب الرسول النبي بعد بيان وحي الله وإبلاغه إلى الناس تنفيذ ما تؤمر به الرسالة السماوية في المجتمع.
والإخلاص صفة يتصف بها الرسل والأنبياء (ع) وغيرهم، لكن توجد فئة تسمى المخلِصين وفئة أخرى هي التي تسمى بالمخلَصين.
المخلِصين أو المخلِصون قد ينفذ إلى نفوسهم الشيطان، أما المخلَصون فليس للشيطان عليهم سبيل وهم الرسل والأنبياء والمعصومون عليهم السلام.
والمستفاد من هذا النص الشريف:
- إن الله تعالى أوصى أهل الإيمان بذكر سير أئمة الدين من الرسل والأنبياء والأولياء عليهم السلام.
- إن الإخلاص هو السبيل الموصل إلى الرتب العالية والمقامات الرفيعة عند الله تعالى شأنه.
ويقول تعالى في الآية الثانية والخمسين من سورة مريم (س):
وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ﴿٥٢﴾
إن هذه الآية الشريفة رغم قصرها، تبين لنا كيفية وصول موسى عليه السلام إلى مقام النبوة، حيث سمع موسى بن عمران نداء السماء إلى جانب جبل الطور وأخذ في ذلك المكان يناجي ربه تعالى.
وما يفيده النص المبارك:
- إن مناجاة الإنسان ربه توصله إلى منزلة القرب الإلهي، وهذا السبيل سلكه الرسل والأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.
- إن لبعض الأماكن قدسية، ولابد من الحفاظ على هذه القدسية، ومن هذه الأماكن جبل الطور.
والآن نستمع إلى قوله تعالى في الآية الثالثة والخمسين من سورة مريم (س):
وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا ﴿٥٣﴾
كما هو المستفاد من آيات عديدة في الذكر الحكيم، فإن موسى عليه السلام طلب من الله تعالى أن يجعل هارون أخاه وزيراً له، واستجاب الرب الجليل دعاء موسى عليه السلام وجعل هارون له وزيراً وكان هارون هو الآخر نبياً، الأمر الذي يدل على تعاون الأنبياء (ع) في رسالة السماء.
والمستفاد من هذه الآية هو:
- إن تعاون الأخوة نعمة من نعم الله، إذا كان لهدف سام.
- المجتمع يحتاج إلى قائد واحد، لكن لابد لهذا القائد من وزير ومعين.
والآن نصغي إلى الآيتين الرابعة والخمسين والخامسة والخمسين من سورة مريم (س):
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ﴿٥٤﴾
وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴿٥٥﴾
إن هذا النص الكريم يذكر لنا عدة خصائص في شخصية نبي الله اسماعيل عليه السلام، وهو غير اسماعيل أكبر أولاد خليل الرحمن ابراهيم عليه السلام.
إن صفة صادق الوعد هي ملازمة لجميع الرسل لجميع الرسل والأنبياء صلوات الله عليهم، إلا أنها اكثر بروزاً عند نبي الله اسماعيل (ع).
والآن الى ما نأخذه من عبر من هذا النص المبارك:
- إن الكمالات الروحية هي الملاك في تكريم الناس.
- إن على عاتق الأنبياء (ع) مسؤوليات جسام قبال المجتمع وإلى جانب هذه المسؤوليات لهم مسؤولية تجاه أسرهم.
هكذا بعون الله تعالى أنهينا في هذه الحلقة تفسير 5 آيات أخرى من سورة مريم (س)، نسأل الله القبول والسلام خير ختام.