البث المباشر

تفسير موجز للآيات 95 الى 101 من سورة الكهف

الثلاثاء 3 مارس 2020 - 03:39 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 517

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين والسلام عليكم أعزائنا المستمعين في كل مكان ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم الى حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة والذي سنبدؤه بتلاوة عطرة للآيتين 95و96 من سورة الكهف:

قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴿٩٥﴾

آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴿٩٦﴾

ذكرنا في الحلقة السابقة أن ذا القرنين قد وصل أثناء رحلاته الى منطقة فيها قوم متخلفون إجتماعياً وكانوا معترضين دائماً لهجوم أقوام وحشية (هم قوم يأجوج ومأجوج)، فطلبوا منه أن يجعل سداً بين الجبلين، محل نفوذ هؤلاء المتوحشين كي يكونوا في مأمن من هجماتهم وأذاهم.

وتحكي هذه الآية جواب ذي القرنين وإنه قال لهم عليكم أن تساعدوني وليأت فتيان أقوياء وليعملوا تحت إمرتي لأعمل لكم سداً محكماً من الحديد والنحاس كي أمنعهم من النفوذ الى منطقتكم، ولا أسألكم عليه من أجر حيث أن ما أعطاني ربي خير من كل ما تريدون أن تعطونه لي.

من هذه الآيات نستنتج:

  • إن أولياء الله يشعرون بالمسؤولية تجاه حل مشاكل الناس الحياتية وخاصة الأمور والشؤون الأمنية.
  • إن مساندة الناس ومساعدتهم في إنجاز المشاريع مهمة جداً، كي يبعثوا فيهم روح التعاون ولكي يدركوا قيمة هذه الخدمات والجهود المبذولة في إنجازها، فلا يهملوها حتى تضيع من أيديهم.

لا يكفي وجود الإمكانيات والأموال اللازمة والطاقات البشرية، بل يجب أن يوجد المدير القدير والمدبر، كي تنجز الأعمال بنجاح تام وتحقق النتائج المرجوّة، فقبل مجيء ذي القرنين كان لدى هؤلاء القوم جميع الإمكانيات اللازمة، ولكن كان ينقصهم مدير مدبر وقدير كذي القرنين.

 

والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآيتين 97و98 من سورة الكهف:

فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴿٩٧﴾

قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴿٩٨﴾

هذه الآيات تتضمن تأكيد على ثلاثة أمور:

  • أن السد الذي بناه ذو القرنين كان قوياً ومرتفعاً بحيث أن المهاجمين لم يستطيعوا أن يعبروا من فوقه ولا استطاعوا أن يعبروا من خلاله، وإن طول السد وارتفاعه من العظمة بحيث لم يستطيع أحد أن يعبر من فوقه، كما أن سبيكة الحديد والنحاس كانت من القوة والصلابة بحيث لم يستطع أحد هدمه ولا أن يحدث فيه نفقاً أو خرقاً يعبر من خلاله.
  •  إن ذا القرنين لم ينسب هذا الأمر لنفسه ولا لهؤلاء القوم الأقوياء الذين ساعدوه، بل إنه قال أنه بلطف الله ورحمته بأهالي هذه المنطقة لكي ينعموا بالأمان.
  •  إنه سيأتي يوم ينهدم فيه هذا السد العظيم وسيكون ذلك مع اقتراب يوم القيامة حيث يعم الأرض زلزال مدمر فتصبح الأرض مسطحة لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً.

من هذه الآيات نستنتج:

  • إتقان العمل والدقة في إنجازه، من أعمال أولياء الله وسيرتهم وكمثال على ذلك هذا السد العظيم الذي لايهدمه إلا زلزال يوم الساعة العظيمة.
  • إن أولياء الله يكتسبون موفقيتهم ونجاحهم وجهود الناس الى الرحمة الإلهية ولايعابون بالعجب والغرور.
  • مع إننا نؤمن بيوم القيامة ولكن يجب أن نعمل لدنيانا بكل دقة ونتقن عملنا، أي أن نعمل للدنيا ولانغفل عن الآخرة، كما قال امير المؤمنين (ع): (إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً).

 

والآن مستمعينا الكرام لننصت وإياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآيات 99 الى 101 من سورة الكهف

وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ۖ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴿٩٩﴾

وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا ﴿١٠٠﴾

الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ﴿١٠١﴾

بمقارنة هذه الآيات مع الآية 96 من سورة الأنبياء، نستنبط أن سد ذي القرنين ينهدم قرب وقوع يوم القيامة ويبدأ قوم يأجوج ومأجوج هجومهم ثانية وبوحشية، وكالموج يكتسحون كل ما يقف في طريقهم ويستولون على بعض البلدان الى أن ينفخ اسرافيل في الصور لأول مرة فيموت جميع الأحياء، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ويجتمعون في عرصة يوم القيامة، وعندها يساق الكافرون الى جهنم لأن أعينهم وأسماعهم وقلوبهم كانت عاجزة عن رؤية وسماع وإدراك الحق، وكانوا غافلين عن ذكر الله وكأنه كان هناك حجاب يحجبهم عن الله وعن رؤية وسماع الحق.

من هذه الآيات نستنتج:

  • إن من علامات آخر الزمان هجوم الأقوام المتوحشة وأن يموج الناس بعضهم في بعض.
  • أغلب الظواهر الطبيعية هي تذكير بنعم الله عزوجل وقدرته ولطفه بعباده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون وكأنهم لايرون ولايسمعون ولايفقهون.

 

أعزائي المستمعين الى هنا نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة وتتمة تفسير سورة الكهف نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة