بسم الله الرحمن الرحيم وبه تعالى نستعين إنه خير ناصر معين والصلاة والسلام على حبيب إله العالمين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم الى هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة والتي نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 54 من سورة الكهف، فلننصت إليها خاشعين؛
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴿٥٤﴾
كنتيجة بما مرّ بنا من آيات في الحلقة السابقة حول معصية الكافرين والمشركين لله وإعراضهم عن الأوامر الإلهية، تذكر هذه الآية بالنماذج التي مرّ ذكرها في القرآن حول تاريخ الأمم الماضية والحوادث الحلوة والمرة التي مرت بها، إنما هي لنعتبر بها نرضخ للحق، ولكن للأسف نرى البعض يجادلون الحق وينكرونه ويرفضون قبوله، وهم بدلاً من النقاش بأسلوب منطقي يلجأون الى النزاع والجدال، ويحسبون أن ضمائرهم سترتاح وإنهم سيقدمون الجواب على تمردهم وعصيانهم أوامر الله بهذا الجدل العقيم.
من هذه الآية نستنتج:
- إن القرآن الكريم قدم نماذج مختلفة لجهود هداية الأمم السابقة لكي يعتبر بها المسلمون.
- إن لم يكن للإنسان الصدر الرحب على تقبل الحق ويبرز مجادلاً للحق، فكل مثال يضرب له يواجهه بمزيد من العناد والمجادلة أكثر فأكثر.
والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 55 من سورة الكهف:
وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ﴿٥٥﴾
تشير هذه الآية الى مدى عناد اولئك الكافرين الذين يرون الحق أمامهم ويعرفون أنه حق، ولكنهم لايؤمنون بالحق هو أن يأتيهم العذاب الذي حل بالأمم التي سبقتهم فيدركوا أنهم هالكون، أو أن يروا العذاب ينزل عليهم من السماء أو يخرج إليهم من الأرض فيؤمنوا عندها، ولكن من الواضح أن لافائدة من الإيمان في ذلك الوقت.
في الحقيقة، هذه الآية تحمل بشارة وإنذاراً، البشارة هي أن الذين يتوبون ويستغفرون ربهم يقبل الله توبتهم ويغفر لهم، والإنذار موجه الى المشركين كي لايعاندوا وينكرون الحق فيهلكوا كما هلكت الأمم الماضية.
من هذه الآية نتعلم:
- أن الله قد مهّد السبيل لهداية الناس بإرسال الرسل وتنزيل الكتب السماوية وتم الحجة عليهم كي لاتبقى لهم حجة يتذرعوا بها أنهم لم يكونوا يعلمون.
- الإستغفار يمنع نزول العذاب الإلهي.
- الوعظ والإرشاد لاينفع دائماً، ولابد من العقاب أحياناً.
والآن أعزائي المستمعين الكرام لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 56 من سورة الكهف:
وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا ﴿٥٦﴾
هذه الآية تواسي الرسول الأكرم (ص) أن لايحزنه كفر الكافرين لأن الأنبياء إنما هم مبشرون ومنذرون وعلى الناس أن يختاروا الإيمان أو الكفر، ومن الطبيعي أن البعض يستغلون حرية الإنتخاب فيعرضوا عن الإيمان بالله ويختاروا الكفر، بل أنهم وبالإضافة الى ذلك يسعون الى دحض الحق وإضعافه وترسيخ الباطل بين الناس، أحد الطرق التي يتبعها المشركون هو إهانة المؤمنين والإستهزاء بآيات القرآن الكريم، تلك الآيات التي تحذر الناس من يوم القيامة وتخوفهم من نار جهنم ويحسب الكافرون أنهم شككوا المؤمنين بكل ما ورد في القرآن بقولهم مثلاً: من الذي جاء من العالم الآخر وجلب الأخبار لكم بوجود جنة ونار، كي تقضوا حياتكم تخافون عذاب جهنم، فلا تنالون من لذات الحياة الدنيا ومن كل ما تشتهي أنفسكم حتى من المحرمات.
من هذه الآية نستنتج:
- واجب الأنبياء، الوعظ والإرشاد، وليس إجبار الناس على الإيمان.
- المشركون والكفار يلجأون الى العناد والإستهزاء بالتعاليم الإلهية، لا الى المنطق والإستدلال.
- علينا أن نتجنب الإستهزاء بالأوامر الإلهية لأنها كالإستهزاء بآيات الله التي عدها الله عزوجل من أخلاق الكافرين.
الى هنا أيها الأكارم نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم رحمة الله وبركاته.