البث المباشر

تفسير موجز للآيات 18 الى 21 من سورة الكهف

الثلاثاء 3 مارس 2020 - 01:09 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 502

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على حبيب إله العالمين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم الى حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 18 من سورة الكهف، فلننصت إليها خاشعين:

وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴿١٨﴾

عرفنا من الآيات السابقة أن الله سبحانه وتعالى قد هيأ الظروف لإيواء أصحاب الكهف الذين فروا من قومهم من أجل حفظ دينهم وعقيدتهم، وفي هذه الآية يذكر أنهم كانوا نياماً وعيونهم مفتوحة، حتى أن من كان يراهم على تلك الصورة كان يظنهم إيقاظاً وكانوا على حالة بحيث أن من يراهم عن قرب يخاف منهم ويهرب خوفاً، وربما كان السبب هو كي لا ينالهم أحد بسوء ويسلموا من المخاطر التي يتعرضون لها.

وتشير هذه الآية أيضاً إلى تقليبهم الى اليمين تارة والى اليسار تارة أخرى كي تحفظ أبدانهم سليمة ولاتصيبها القروح من النوم لمرة طويلة على جانب واحد، ومن ناحية ثانية كان كلبهم يحرسهم وقد نام أمام الغار بشكل المتأهب للهجوم حتى لايجرؤ أحد على الإقتراب من الغار.

على أي حال، لقد هيأ الله عزوجل الظروف لحفظ حياة وأجسام اصحاب الكهف كي يصبحوا عبرة للأجيال المقبلة.

من هذه الآية نستنتج:

  • عندما يشاء الله فإنه يحفظ نبيه في الغار بواسطة عنكبوت، وفي غار آخر يحفظ مؤمنين بكلب يحرسهم.
  • إحدى النعم الإلهية هو تقلب الإنسان في نومه بصورة غير إرادية.

 

والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآيتين 19و20 من سورة الكهف:

وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴿١٩﴾

إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴿٢٠﴾

هاتان الآيتان تحكي حوار أصحاب الكهف بعد أن استيقضوا من نومهم الطويل، فكما أنامهم الله بشكل غير عادي مدة طويلة فقد أيقظهم من نومهم الذي كان أشبه بالموت، فبعثهم أحياءاً ثانية، وهناك اختلفوا فيما بينهم حول مدة نومهم، ولكن لم يتوصلوا الى نتيجة فقالوا في النهاية الله أعلم، ومن الطبيعي أن يكونوا جياعاً ولم يكن في الغار شيئاً يأكلوه، لذا فقد كلفوا أحدهم أن يذهب الى المدينة ويجلب لهم غذاءاً طاهراً، ولكن عندما دفع ثمن الغذاء، رأى صاحب الدكان المسكوكات القديمة التي قدمها له فشك فيه، فراقبه وتبعه وعرف كل شيء وأخبر الناس والملك به، وهذا ما تتناوله الآية التالية.

من هاتين الآيتين نستنتج:

  • إن قصة أصحاب الكهف نموذج لقدرة الله عزوجل على بعث البشر يوم القيامة.
  • على المؤمن أن لايكشف الأسرار ويكون ذكياً ويراعي كافة النواحي الأمنية ولايكشفها للأعداء، مع أنه قد يجد العدو أحياناً ثغرات ينفذ منها.
  • إن المؤمنين لايأكلون جميع أنواع الأغذية، المهم عندهم أن يكون الطعام طاهراً وحلالاً.

 

والآن مستمعينا الكرام لننصت خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 21 من سورة الكهف:

وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ﴿٢١﴾

ذكرنا سابقاً أنه برؤيتهم للمسكوكات التي تعود الى ما قبل ثلاثمائة عام، اكتشف الناس سر أصحاب الكهف وتوجهت جماهير غفيرة نحو الغار، ومن جهة أخرى فإن الرجل الذي أرسلوه ليجلب لهم طعاماً، عاد إليهم بسرعة وأخبرهم بما جرى، وهنا رفع الجميع أيديهم بالدعاء الى الله عزوجل أن يميتهم، فاستجاب دعاءهم، وعندما وصل الناس الى الغار كانوا قد ماتوا ولكن أجسامهم كانت سليمة بعد ثلاثمئة عام، ولاشك أن هذه آية دلالة على قدرة الله جل وعلا في إحياء البشر وإماتتهم، وهنا اقترح البعض أن يبنوا عليهم نصباً تذكارياً، ولكن المؤمنين الصادقين الذين علموا أن هذا دليل على إحياء الموتى والبعث يوم القيامة، بذلوا الجهود كي لا تنسى قصة هؤلاء الرجال أبداً، لذا ولكي تخلد هذه الحركة التوحيدية، فقالوا أن نبني قرب مقبرتهم مسجداً كي نذكر الله فيه كثيراً ونذكر معجزته هذه.

من هذه الآية نستنتج:

  • إن الآثار والأدلة على القدرة الإلهية في تاريخ الماضين يجب أن تضل قائمة وتخلد لتكون عبرة لمن اعتبر.
  • بناء المساجد على قبور ومراقد أولياء الله مذكورة في القرآن الكريم، وإن كان مقرر أن يبنى نصب تذكاري ليخلد ذكراهم فالأحرى أن يكون مسجداً.

 

الى هنا أعزائي المستمعين نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في الحلقة المقبلة نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة