بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
نحييكم أطيب تحية أيها الأخوة والأخوات ويسرنا أن نقدم لكم حلقة أخرى من نهج الحياة ونبدأ بالإستماع إلى تلاوة الآيتين الخامسة والأربعين والسادسة والأربعين من سورة الإسراء المباركة:
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا ﴿٤٥﴾
وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴿٤٦﴾
إن المشركين والرافضين لقبول الإعتقاد بيوم القيامة قد حرموا من فهم حقائق القرآن الكريم، وكان النبي الأكرم (ص) يتحدث عن توحيد الله وعدم الشرك به، كان الكافرون يهربون من سماع هذه الحقيقة الحقة.
نعم.. إن المشركين ما كانوا ليصغون إلى كلام القرآن والوحي المبين، فكيف بقبوله والإعتقاد به؟
إن إنكار يوم القيامة والمعاد يؤدي إلى إنكار أصول الدين، أي التوحيد والنبوة، وذلك هو الكفر برمته وعليه فإن كلام الله تعالى، أي القرآن الكريم، صعب وثقيل لمثل هؤلاء الكفار حتى لكأنه ما بين هؤلاء والقرآن حجاب يحول دون سماعهم الحقائق الإلهية وفهمها.
ومن الدروس المستفادة من هذا النص:
- إن الإنسان يفقد القدرة على الإستضاءة بمصباح الهداية إذا ما أنكر الحقائق الحقة وكذب بها، ومن هنا نرى أن تلاوة القرآن على لسان رسول الله (ص) ليس له أثر في قلوب طبعت على الكفر والشرك والعناد.
- إذا بقي الإنسان محروماً من درك حقائق القرآن والمعنويات، يكون له في الآخرة حساب عسير.
- المشركون وإن كانوا يعتقدون بوجود الله تعالى، فإنهم ما كانوا يصغون لحديث الرسول (ص) والقرآن وكان ذلك بسبب شركهم وإنكارهم يوم الحساب ويوم المعاد.
ويقول تعالى في الآية السابعة والأربعين من سورة الإسراء المباركة:
نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ﴿٤٧﴾
تشير هذه الآية إلى حديث وسلوك قادة الكفر والكفار، حيث حينما كان القرآن يتلى على مسامعهم كانوا لا يصغون إليه ويمنعون الآخرين من الإصغاء إليه كذلك، وكان من زعماء الكفر يرون النبي (ص) سامراً قد سحر الناس بكلامه.
ومما يستفاد من هذا النص:
- إن الله عالم بكل شيء ولا يخفى عليه شيء، إنه يعلم باطن ونية كل انسان.
- إن أعداء الدين من خلال إلصاق التهم الباطلة يريدون تدمير شخصية أولياء الله الصالحين كما حدث بالنسبة إلى رسول الله (ص) حينما اتهمه الكفار بالسحر والجنون، والعياذ بالله، وقالوا إنه ساحر ومجنون.
ويقول تعالى في الآية الثامنة والأربعين من سورة الإسراء المباركة:
انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ﴿٤٨﴾
جاءت هذه الآية المباركة لتبين أن الكفار، وإن اتهموا الرسول بأنه ساحر ومجنون، إلا أن هذا الإتهام الباطل لا يضير رسول الله (ص)، فهو (ص) يتلقى وحي السماء وإن الكفار هم الذين يتضررون، إذ أنهم في التيه والضلال يسيرون وعن درك الحقائق عاجزون.
نعم.. التهم الباطلة لا تجدي ولا تنفع أمام الحقيقة الناصعة الوضاءة، نعم إن الحقيقة ليست شيئاً يزول بالكلام الباطل.
وأما المستفاد من هذا النص فهو:
- إن إحدى أساليب العداء من أجل مواجهة آيات القرآن الكريم والقادة الربانيين، الإستفادة من الأمثال والتشبيهات.
- إن الذين يفتقدون أسلوب المنطق يتبعون أسلوب السخرية والإستهزاء لتدمير شخصية القادة الإلهيين.
- إن إهانة القادة الربانيين هو السبب في الضياع والضلال والخروج عن جادة الحق والحقيقة وهذا الإنحراف يتم بشكل تدريجي، وقد لا تكون من بعده عودة إلى جادة الصواب.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. هكذا حضرات المستمعين الأكارم إنتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.
حتى اللقاء القادم نستودكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.