البث المباشر

تفسير موجز للآيات 43 الى 47 من سورة النحل

الأحد 1 مارس 2020 - 05:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 447

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى أهل بيته الهداة المهديين.

السلام عليكم حضرات المستمعين الاكارم واهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة حيث ننهل من نمير القرآن العذب وننور قلوبنا بنور الإيمان والذكر الحكيم.

نعم، نبدأ بالإستماع الى تلاوة الآيتين الثالثة والأربعين والرابعة والأربعين من سورة النحل:

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٤٣﴾

بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤﴾

يستفاد من الروايات التاريخية أن الكفار والمشركين كانوا يدّعون أن الرسل والأنبياء (عليهم السلام) لا ينبغي أن يكونوا من بني الإنسان، بل من الملائكة المقربين؛ ويأتي هذا النص المبارك ليرد هذا الإدعاء وليذكر بأنها ليست المرة الأولى التي يبعث الله تعالى فيها نبياً من الناس، أي أن سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله (ص) ليس أول رسول من الناس الى الناس، حيث قد بعث الله تعالى من قبله رسلاً وأنبياء من ولد آدم عليه السلام.

ويحث القرآن الكريم هؤلاء الكفار على السؤال من أتباع الديانات السماوية الأخرى التي سبقت الإسلام وكيف أن الله تعالى بعث أنبيائهم من البشر مثل عيسى بن مريم وموسى بن عمران على نبينا وآله وعليهما الصلاة والسلام، لقد أنزل الله تعالى رسالاته على الصفوة من خلقه وهم الرسل وأسند نبوتهم بالأدلة والمعجزات، ورسول الله (ص) هو خاتم الأنبياء والرسل الكرام بعثه الله تعالى بالإسلام للناس كافة وأنزل القرآن على صدره الكريم معجزة خالدة الى جانب معجزاته الأخرى. ورسول الله (ص) أفضل الأنبياء والرسل، فاق النبيين في خلق وفي خُلُق، ولم يدانوه في علم ولا كرم.

نعم، القرآن هو دستور الحياة الخالد وعلى الناس أن لا يكتفوا بقرائته، بل عليهم التدبر في آياته؛ إنه والعمل بها قد جاء في وصية أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام قبيل وفاته: الله الله في القرآن فلا يسبقكم الى العمل به غيركم.

وفي النص القرآني المتقدم إشارة الى أمر مهم وهو الرجوع الى أهل العلم والذكر وهو قوله تعالى فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. وكما يستفاد من الأحاديث الشريفة فإن المصداق الأتم والأكمل لأهل الذكر هم اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، عترة المصطفى (ص) وهم الثقل الثاني الى جانب القرآن الكريم، وقد أوصى النبي (ص) بالتمسك بهما كي لا تضل الأمة.

وعلم أهل البيت، عليهم أفضل الصلاة والسلام، من علم النبوة وعلم النبوة من علم الله تعالى.

نعم، التمسك بالقرآن والعترة الشريفة من أهل بيت الرحمة فيه النجاة والفوز العظيم.

والى الدروس المستفادة من النص الشريف فهي:

  •   إن الأنبياء عليهم السلام هم من البشر لا من الملائكة والجان، وفي هذا الحجة البالغة على الناس إذ ليس في مستطاعهم أن يقولوا من بعد ذلك لا طاقة لنا بما جاء به الأنبياء عليهم السلام.
  • لابد في المسائل الدينية من الرجوع الى أهل الخبرة والإختصاص وهم اهل البيت (عليهم السلام)، وفي زمن الغيبة الكبرى، الفقهاء العدول، كثر الله من أمثالهم.
  •  إن من بين الأنبياء والرسل، سلام الله عليهم، من أنزل معهم الكتاب وأسندت نبوتهم بالمعجزات لتبين الحق من الباطل.
  •  إن من واجب النبي (ص) بيان ما في القرآن، وعلى الناس التدبر في القرآن والعمل بأحكامه.

والآن نصغي الى تلاوة الآيات الخامسة والأربعين والسادسة والأربعين والسابعة والأربعين من سورة النحل المباركة:

أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّـهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴿٤٥﴾

أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ ﴿٤٦﴾

أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿٤٧﴾

بعد أن دعا القرآن الكريم الكفار والمشركين الى التأمل والتفكر في تاريخ الأمم السالفة، حثّ على أخذ الدروس والعبر من أحداث الماضي وكيف كانت عاقبة الذين كذبوا بالحق وحاربوا دعوة السماء.

وفي هذا النص ما يوضح لنا أن جزاء وعقاب من يخاف الحق لا يختص بيوم القيامة، حيث من الممكن أن ينزل العذاب الإلهي على الظالمين وهم في الحياة الدنيا. وليس لنزول العذاب الإلهي وقت محدد أو معلوم فقد يأتي في الليل وقد يأتي بالنهار ويأتي الإنسان الظالم من حيث لا يشعر.

وإذا جاء أمر الله تعالى فلا راد له ومن لطف الله تعالى، وهو الحليم العليم، عدم التعجيل في العقاب الدنيوي، فهو تعالى لحكمته يمهل ولا يهمل، عسى أن يرعوي الظالم أو الكافر ويعود الى فطرته ويترك عناده سالكاً الى التوبة سبيلاً والله يحب التوابين.

والآن تعالوا نستعرض الدروس التي يمكن أن نأخذها من هذا النص الشريف، فهي:

  • إن العذاب الإلهي يقع بعد إتمام الحجة على الناس وبعد طول الإمهال.
  •  لابد أن يعلم الكفار والمؤمنون أن مكر الظالمين لا فائدة منه فهو يتبخر أمام قدرة الله تعالى وعلمه، وإذا جاء غضب الله فلا أحد يقدر على رده.
  •  ليس لأحد أن يعلم بزمان أو مكان أو نوع العذاب الإلهي في الدنيا، ومن هنا ليس لأحد أن يفر من غضب الله. أعاذنا الله وإياكم منه.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يدرأ عنا غضبه ويوفقنا لمراضيه ويجعل مستقبل أمرنا خيراً من ماضيه، آمين يا رب العالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة