البث المباشر

تفسير موجز للآيات 22 الى 25 من سورة النحل

السبت 29 فبراير 2020 - 15:58 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 442

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين السلام عليكم حضرات المستمعين الأكارم وأهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة الذي يأخذنا وإياكم الى ربيع القلوب وأحسن الحديث، أجل إنه القرآن الكريم دستور الحياة الخالد ومعجزة النبي الخاتم (ص)، وكنا قد أنهينا تفسير 21 آية من سورة النحل المباركة، ونستمع الآن الى تلاوة الآيتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين:

إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ۚ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ﴿٢٢﴾ 

لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴿٢٣﴾

في الحلقة الماضية من هذا البرنامج مرت علينا آيات تحدثت عن عجز الآلهة المصطنعة، مثل الأصنام، عن الخلق والتكوين والإبداع التي هي من صفات الباري تباركت أسماؤه، ويأتي هذا النص ليبين أن الله تعالى الواحد الأحد والفرد الصمد هو الجدير بالعبادة والتضرع اليه لا تلك الأصنام والأوثان.

وفي هذا النص كما هو واضح، إشارة الى انكار المعاد ويوم القيامة من قبل البعض وأن هذا الإنكار يأتي بسبب العناد والتكبر والإستعلاء الأجوف.

على أن نشد أن الحق وقبوله والإنصياع الى كل ما هو حق هو العامل الأساس في الإقبال على الإيمان وسلوك طريق الهداية والسير في سبيل النجاة. نعم؛ إن العناد هو الذي يؤدي الى إنكار الحق وعدم قبوله وإن كانت النفس قد قبلته بفطرتها، وهذا العناد منشأه هوى النفس وأميالها الشيطانية.

لكن على ما يبدو فإن هؤلاء الكفار والمعاندين لايعلمون أن كل أعمالهم وأقوالهم حاضرة أمام الله تعالى وأنه تعالى يعلم كذلك بما يخفيه صدورهم من حقد وغيظ على الدين والإيمان وسبل الهداية والرشاد.

والذي يفيدنا هذا النص هو:

  • إن السبب الأساسي للكفر هو التكبر لا الجهل وإنكار حقيقة الإيمان لا الجهل بها.
  •  إن الإيمان بالآخرة يجعل الإنسان متواضعاً على أن إنكار المعاد ويوم القيامة منشأؤه التكبر والإستعلاء والطغيان.

ويقول تعالى في الآية الرابعة والعشرين من سورة النحل:

وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۙ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿٢٤﴾

كما هو واضح فإن القرآن الكريم هو ثالث أهم الكتب السماوية وقد نزل بعد التوراة والإنجيل وجاء مصدقا لما قبله من الكتب والشرائع، وفي القرآن الكريم جاءت أصول الدين الإسلامي الحنيف وتحدث هذا الكتاب المبارك عن التكاليف الدينية والفضائل الأخلاقية التي لابد للإنسان المؤمن أن يلتزم بها ويتجلى بها.

نعم في القرآن أصول الأخلاق الحميدة والخصال الطيبة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع؛ فكيف يوصف بعد ذلك بأنه ليس فيه سوى أساطير الأولين؟!

وهذا النوع من التعامل مع القرآن الكريم، تعامل غير منصف وبمنأى عن الحقيقة، إذ كيف تكون قصص الأمم السالفة التي وردت في القرآن من الأساطير؟ والأساطير ليس لها أساس تاريخي وإنما هي الشعوب والأمم وضعتها ونمقتها بيد أنه قصص القرآن من وحي الله أبانها الرسول الكريم محمد (ص) الذي ما ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى.

إن القرآن الكريم وهو كتاب السماء لاحاجة له الى معاضد، لكن مع هذا نلاحظ أن الكتب التاريخية تؤكد صحة ما جاء من قصص في كتاب الله المبين؛ إن القرآن الكريم لايقبل الخرافات وليس للخرافات مكان في آيات القرآن، بل أنه في كل سورة وآياته يطابق الحقيقة والعقل والمنطق السليم.

ومما يستفاد من هذا النص:

  •  أن إنكار الحقائق الدينية السامية من قبل البعض نابع من روح التكبر والإستعلاء عندهم.
  •  إن أعداء الدين يعتبرون أن قصص القرآن ما هي إلا أساطير، وفي ذلك معارضة للقول الحق.
  • إن الأسطورة كما ذكرنا ليس لها أساس، لكن القصة القرآنية تقوم على أساس وبنيان رصين.

حينما نزل القرآن الكريم كان أكثر سكان جزيرة العرب لايعرفون أخبار الماضين وقد أخبرهم بها القرآن الكريم.

والآن نستمع الى تلاوة الآية الخامسة والعشرين من سورة النحل المباركة:

يَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴿٢٥﴾

إن المستكبرين الذين لايعترفون بحقانية الكتب السماوية يعملون على حرف الآخرين عن جادة الصواب ويقوم المستكبرون بإضلال الناس مستفيدين في ذلك من جهلهم وعدم وعيهم، ومن الطبيعي أن يتحمل المستكبرون يوم القيامة أوزار ما فعلوا وأوزار الناس الذين ساروا بهم الى فيافي الضلال وصحاري التيه.

ومما يستفاد من النص المبارك:

  •  إن من يدعو أحداً الى الإثم أو يعد الأجواء لإرتكابه الإثم يكون شريكه يوم القيامة في العقاب والعذاب.
  •  إن أكثر جذور الإنحراف تكمن في الجهل، ومن هنا يستغل أعداء الدين هذا الجهل لتمرير مخططاتهم المعادية ومحاربة الشرائع السماوية وعلى رأسها الإسلام.

نسأل الله تبارك وتعالى أن ينأى بنا عن الجهل ويأخذ بأيدينا الى المعرفة ويجعلنا من المتمسكين بالثقل الأكبر القرآن الكريم والعترة النبوية الطاهرة، آمين يا رب العالمين.

المستمعين الأفاضل طبتم وطابت أوقاتكم بكل خير والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة