بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم الى هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة والتي سنبدؤها بتلاوة عطرة للآيات 74 الى 77 من سورة الحجر، فلننصت اليها خاشعين:
فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ﴿٧٤﴾
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ ﴿٧٥﴾
وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ ﴿٧٦﴾
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴿٧٧﴾
ذكرت الآيات السابقة أن قوم لوط قد أخذتهم الصيحة المهلكة فطارت ألباب الناس منها وسقطوا مغشياً عليهم وذلك عند طلوع الفجر، وأما هذه الآيات فتشير الى أنه تزامناً مع الصيحة أصاب المدينة زلزال شديد جعل عاليها سافلها فتهدمت البيوت فوق رؤوس أصحابها وهم نيام، وفي الوقت نفسه أمطرت السماء على هذه المدينة وسكانها مطراً من حجارة، فحتى الذي يتمكن من الهروب من بيته ولم يسقط على رأسه، أصابته الحجارة التي تتساقط من السماء فقتلته، وتشير هذه الآيات أيضاً أنه مازالت بقايا هذه المدينة باقية لحد الآن تمر عليها القوافل ولكن لا يلتفت الى هذه الآثار سوى أصحاب القلوب الحية الذين يعرفون الحقائق برؤيتهم لهذه الآثار ويعتبرون منها، فهي آيات تدل على مدى قدرة الله سبحانه وتعالى وإن وعده يتحقق في هذه الدنيا، فيقوى بذلك ايمان المؤمنين.
من هذه الآيات نستنتج:
- إن يد الله مبسوطتان، فالله الذي ينزل الغيث رحمة من السماء بإمكانه أن ينزل مطراً من حجارة فيهلك بها القوم الظالمين.
- إن الآثار الباقية من العهود الغابرة يجب أن تكون عبرة للأجيال القادمة.
والآن أيها الأخوة والاخوات لننصت وإياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآيتين 78و79 من سورة الحجر:
وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ ﴿٧٨﴾ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ ﴿٧٩﴾
وبعد قوم لوط، تشير هذه السورة الى قوم شعيب (ع) الذين سكنوا في منطقة معتدلة الجو وكثيرة الأشجار، وقد سماهم القرآن الكريم أصحاب الأيكه، ومعناها (الأحراش والأدغال)؛ وهذه المنطقة ليست منطقة مدين، وإن النبي شعيب (ع) كان قد بعث الى المدينتين معاً.
ومع أن الآية 78 لم تشر الى نوع المعصية أو المعاصي التي ارتكبها هؤلاء القوم، ولكن عنوان الظلم عام ويشمل كل أنواع المعاصي والذنوب، على أي حال فالذنوب بالدرجة الأولى ظلم للإنسان نفسه وثانياً ظلم للأديان التي جاء بها الأنبياء عليهم السلام. في الآيات السابقة أشار القرآن الى بقاء آثارهم، وفي الآية 79 أيضاً يشير الى بقاء آثار هؤلاء القوم ظاهرة أمام الأعين لنعتبر منها.
من هذه الآيات نستنتج:
- إن عاقبة الظلم هو الهلاك والموت، ربما إن ارتكب إنسان معصية لايستوجب نزول العذاب، ولكن عندما يعم الظلم ويشيع الظلم بين أفراد المجتمع، سيحل عليهم الهلاك.
- حفظ آثار القدماء واجب سواء كانوا أخياراً أم أشراراً، للإعتبار.
والآن لننصت وإياكم أيها الأكارم خاشعين لتلاوة عطرة للآيات 80 الى 84 من سورة الحجر:
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ﴿٨٠﴾
وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴿٨١﴾
وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴿٨٢﴾
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ﴿٨٣﴾
فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿٨٤﴾
وبعد قوم لوط وقوم شعيب، تشير هذه الآيات الى قوم ثمود ولأنهم كانوا ينحتون بيوتهم في الجبال وقد سماهم أصحاب الحجر، وتوضح هذه الآيات أن تكذيب الأنبياء عليهم السلام والإعراض عن الآيات والمعجزات كان ديدنهم، فلم يصغوا لدعوات الأنبياء المرسلون، وكان صالح (ع) نبيهم ومهما كان يعظهم لم يكونوا يتعظون، فنزل العذاب على أصحاب الحجر (قوم ثمود) كما نزل على قوم لوط وقوم شعيب وحل عليهم عذاب الدنيا فأهلكوا بصيحة عظيمة نزلت عليهم إثر صاعقة فأهلكتهم، واللافت أن هؤلاء القوم كانوا قد نحتوا لأنفسهم بيوتاً آمنة في قلب الجبال ولكنها لم تنفعهم ولم تدفع عنهم عذاب الله.
من هذه الآيات نستنتج:
- العناد أساس الكفر وعصيان الرسل، وإلّا فإن كلام الأنبياء واضح لا لبس فيه.
- لا يقف حائل أمام الإرادة الإلهية يجب أن لانتكئ على قدرة أو ثروة أو إمكانات مادية فهو غير مؤثرة أمام العذاب الإلهي.
الى هنا أعزائي المستمعين نأتي الى ختام حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.