بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم الى حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، ومطلعها تلاوة عطرة للآيات 45 الى 48 من سورة الحجر:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿٤٥﴾
ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ﴿٤٦﴾
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴿٤٧﴾
لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴿٤٨﴾
تتمة للمشهد الذي عرضته الآيات السابقة حول مصير أصحاب النار، تعرض هذه الآيات لنا مصير الصالحين والأتقياء الى الجنة، حيث أن الذين يتورعون عن المعاصي في الحياة الدنيا سيرزقهم الله النعم الوفيرة في الجنة وهم في أمن وسلامة وهدوء نفسي، من اللافت للنظر أن هذه الآيات تشير الى نزع كل أنواع الحقد والضغينة من قلوبهم إزاء الآخرين، وبذلك يتأهل المؤمنون لدخول الجنة، لأن الجنة ليست مكاناً للحقد والضغينة، بل فيها يعيش الجميع في جنة في هناء وصفاء وهدوء وأمن، وهذا على العكس من الرفاهية الدنيوية التي ربما كان لا يرافقها الهدوء النفسي.
أما يوم القيامة فإن أهل الجنة يحظون بجميع أنواع النعم ومنها الرفاهية والهناء وينعمون بالسلامة والأمن والتمتع بعلاقات حميمة بعيدة عن كل حقد وضغينة.
من هذه الآيات نستنتج:
- الإبتعاد عن الذنوب في هذه الدنيا يورث الفلاح الأبدي، إذن لا ينبغي أن نبيع الآخرة بالدنيا.
- نعيم الجنة شامل لجميع اللذات المادية والنفسية، فردياً وجماعياً وأمنياً، إن أهل الجنة ينعمون بنعم عديدة وكثيرة، وأهمها أن ينعموا برضى الله والسلام وتهنئة الله لهم.
- العداوة والبغضاء والتخاصم من صفات أهل النار، فلا بغضاء بين أهل الجنة.
والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآيتين 49و50 من سورة الحجر:
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٤٩﴾
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴿٥٠﴾
بعد التطرق الى عاقبة المذنبين والمتقين لتدعو النبي (ص) الى أن يبشر المذنبين العاصين أنهم إن تابوا وأنابوا فليعلموا أن الله غفور رحيم، ويحذرهم في المقابل من أنهم أصروا على ارتكاب الذنوب والمعاصي، فليعلموا أن العذاب الإلهي ينتظرهم ولا مفر لهم منه.
من هذه الآيات نستنتج:
- أن من أهداف بعثة النبي (ص) هو تعريف الناس برحمة الله، ولكي يبشرهم بعفو الله ومغفرته.
- إن رحمة الله سبقت غضبه، ولكن يجب أن لا نغترّ برحمته فنكون من أصحاب النار.
والآن أيها الكرام، لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآيات 51 الى 53 من سورة الحجر:
وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ﴿٥١﴾
إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ ﴿٥٢﴾
قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ﴿٥٣﴾
تشير هذه الآيات الى قصة النبي ابراهيم (ع) عندما دخل عليه ملائكة بشكل بشر، لذا لم يتعرف عليهم ابراهيم (ع) وخاف ووجل منهم ولكنهم قدموا أنفسهم اليه على أنهم رسل الله، وأنهم أرسلوا اليه ليبشروه بغلام سيولد له يكون في المستقبل من العلماء، وأنه سيرفع ذكر ابراهيم على مدى التاريخ. واللافت للنظر أن الله قد بشر النبي ابراهيم (ع) بولادة كلا ولديه.
عن ولادة ولده من زوجته هاجر، اسماعيل (ع)، بشره ربه أنه سيولد له غلام حليم، وحول ولادة إبنه اسحاق (ع) من زوجته سارة، بشره ربه أنه سيولد له غلام عليم، وهذه البشرى كانت بسبب أن ابراهيم (ع) كان شيخاً ولم يكن قد أنجب أولاداً بصورة طبيعية ولكن الله عزوجل لطيف بعباده الصالحين ويستجيب دعاءهم ويرزقهم هكذا أولاد.
من هذه الآيات نستنتج:
- أحياناً يشاء الله أن يظهر الملائكة بشكل بشر، فلا يعرفهم أحد حتى ابراهيم (ع) النبي لم يعرفهم.
- السلام من الأدب الإلهي، فالملائكة في بداية دخولهم سلموا.
- إن تاريخ حياة الأنبياء، أفضل صورة على لطف وعناية الله بالبشر الطاهرين والمتقين.
الى هنا أعزائي المستمعين نأتي وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة، نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.