بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين، المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، والسلام عليكم أعزائي المستمعين ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، والتي نبدأها بتلاوة عطرة للآية 21 من سورة الحجر، فلننصت إليها خاشعين:
وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴿٢١﴾
الله خالق كل شيئ وكل موجود خلقه بحجم معين وقدر محدد لحكمة معينة، فهو الخالق وهو المطلع على احتياجات الخلق وهو القادر على توفيرها لهم بالطرق والوسائل التي ييسّرها وهو مصدر كل القدرات والقابليات يغدقها على من يشاء من عباده فينزل من نعمه على من يشاء من عباده ويمنعها عمن يشاء، وإذا أنزلها، أنزلها بقدر معلوم ومعين، ولكن هذا لا يعني إلغاء دور الإنسان في السعي والبحث عن النعم الإلهية وكسب رزقه، بل يعني أن بإمكان كل إنسان أن يستزيد من النعم ببذل جهود أكبر، وأنه دون جدّ واجتهاد لا تفتح خزائن نعم الله أمام أي إنسان. من هذه الآية نستنتج:
إن جميع الكون والوجود والنعم والقدرات كلها بيد الله، ويعطي منها من يشاء من عباده بقدر وحدّ وكمية معينة بما تمليه الحكمة والمصلحة.
علينا أن لانقصد غير الله، لأن خزائن كل شيء بيده وحده.
والآن أيها الأخوة والأخوات، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 22 من سورة الحجر:
وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴿٢٢﴾
هذه الآية تتحدث عن إحدى مصاديق خزائن الله التي ذكرناها لدى تفسيرنا لآيات سابقة عندما تطرقنا الى حاجة الإنسان الماسة لمياه الشرب، ومع ذلك فإنه غير قادر على صنعه لنفسه ولن يقدر، ولكن الله بإرساله الرياح يرسل السحاب الى مناطق الأرض المختلفة حتى إذا اصطدمت الغيوم ببعضها هطلت الأمطار فترويكم وتبعد عنكم العطش، من هذه الآية نستنتج:
- إن السحاب والرياح والأمطار من أكبر النعم الإلهية وعليها تعتمد حياة البشر.
- إن الكون خاضع لمشيئة الله ولم يهمله الله لتقوم العوامل الطبيعية بتدبير شؤونه كما يزعم البعض.
والآن أيها الأفاضل ننصت وإياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآيات 23 و24و25 من سورة الحجر:
وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ﴿٢٣﴾
وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ﴿٢٤﴾
وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ۚ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴿٢٥﴾
تشير هذه الآيات الى حياة وموت الإنسان، وإن حياة وموت جميع المخلوقات بيد الله وحده وليست بأيدي آخرين، وهو الباقي ووارث كل شيء، ويوم القيامة يحشر الجميع إليه بأمره ويحكم بينهم بحكمته وعلمه ويجازيهم على أفعالهم.
وفي هذا الشأن لا فرق بين هذا الجيل أو الأجيال السابقة أو اللاحقة، لأن الله سبحانه وتعالى عالم بالماضي والحاضر والمستقبل وبدرجة واحدة، وإنه يعلم كل ماجرى ويجري، فلا هو ممن ينسى إذا تقادم الزمان، ولا يجهل أمراً ما ليكشف له المستقبل. إن مصطلحي المستقدمين والمستأخرين لها أكثر من معنى فهي تعني المتقدمين في الزمن والمتأخرين، أي الماضين والآتين، وكذلك تعني السابقين الى الخيرات والمتأخرين عن فعل الخيرات، وأيضاً المتقدمين في ساحات القتال مع أعداء الله والمتخلفين عن القتال. من هذه الآية نستنتج:
- إن مرور الزمان لا يؤثر على علم الله، فعلمه بالماضي والحاضر والمستقبل على حد سواء.
- مادام الله وارث جميع المخلوقات فلنحاول أن نورث أعمالاً حسنة كي تنفعنا في الآخرة.
من حكمة الله أن يبعث الأموات من قبورهم يوم القيامة، وإلّا فإن كان الإنسان ينتهي عند موته ويفنى، فلا حساب ولا كتاب يوم القيامة، عندها يكون خلق الإنسان عبثاً.
الى هنا أعزائي المستمعين نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.