بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين والسلام عليكم أعزائي المستمعين ورحمة الله وبركاته واهلا بكم الى حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 32 من سورة الرعد، فلننصت اليها خاشعين:
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴿٣٢﴾
تتمة لما عرضته الآيات السابقة من عناد الكافرين ورفضهم لقبول الحقيقة والإيمان بالرسل، تبين هذه الآية طريقة أخرى من طرق المعاندين لله وللرسول وهو الإستهزاء بالرسول وبآيات الله وتسلي رسول الله أن لا تحسب أن المشركين قد استهزؤوا برسل من قبلك أيضا، ومع ذلك أمهلهم الله عزوجل لعلهم يؤمنون ويثوبون الى رشدهم، ولكن في النهاية حل عليهم العذاب الأليم.
من هذه الآية نستنتج:
- الإطلاع على تاريخ الأنبياء السابقين والبلايا والمصائب التي حلت عليهم بسبب كفر أممهم، يحدو بالمؤمنين الى الصبر والثبات إزاء مشكلات ومصائب عصرهم.
- يجب أن لا يغر الكافرين إمهال الله لهم فإن عذاب الله يأتيهم فجأة.
والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت خاشعين الى تلاوة عطرة للآيتين 33و34 من سورة الرعد:
أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۗ وَجَعَلُوا لِلَّـهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ ۚ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ الْقَوْلِ ۗ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴿٣٣﴾
لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ ۖ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّـهِ مِن وَاقٍ ﴿٣٤﴾
دأب المشركون على عبادة الأصنام والأوثان وجعلوها شركاء لله في تدبير أمور الكون والناس وأن بيدهم إنزال الأمطار أو إمساك القطر، فجاءت هذه الآية لترد عليهم إدعاءاتهم وتعلن أن الله مدبر أمور الكون كله والبشر وأنه القاهر فوق عباده ويحصي عليهم أعمالهم، فما حاجتكم الى الأصنام والأوثان كي تعبدونها وتجلونها. وفي الآية إشارة الى أصل هذا التفكير المنحرف وهو أن الشيطان قد زين لهم أعمالهم، لذا تراهم يتبعون الشيطان الذي يعرض عن الهدى لا يستطيع أي أحد أو أي شيء أن يهديه الى سبيل الصواب.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- إن أسلوب السؤال الذي جاء في هذه الآية يدعو عقل وفطرة الانسان أن يميز بين الحق والباطل وإذا عرف الحق فسيتبعه.
- إن من يتصدى للإرادة الإلهية بالتخطيط والتآمر عليها لا يهلك إلا نفسه، ولا ينال من الله ودينه ما يبغي.
والآن مستمعيّ الأكارم، لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 35 من سورة الرعد:
مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ۚ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا ۖ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴿٣٥﴾
تناولت الآية السابقة عاقبة المشركين وهي العذاب في الدنيا والآخرة. أما هذه الآية فتعرض صورة لوضع المؤمنين يوم القيامة وطالما ذكرت آيات القرآن جزاء المؤمنين بأن لهم الجنة. فهذه الجنة التي وعد الله المتقين أن يدخلوها يوم القيامة آمنين، مثل بساتين مثمرة مليئة بأنواع الفاكهة والأطعمة.
من الواضح أن الفرق شاسع بين بساتين الدنيا وبساتين الآخرة، لذا جاء في القرآن كلمة مثل؛ أي إننا إن أردنا تشبيه بساتين الجنة بمثيلاتها في الدنيا فيمكننا القول أنها تشبه الغابات الكثيفة الأشجار دائمة الظلال حتى أن نور الشمس لا يكاد يصل الى الارض من خلالها.
الذي يثير الإنتباه إنه في هذه السورة، ورد تعبير المتقين إزاء كلمة المشركين، بدلا من تعبير المؤمنين، وهذا يبين العلاقة الوثيقة بين الإيمان والتقوى وإن إدعاء الإيمان دون التمسك بالتقوى ونبذ الذنوب والرذائل هو إدعاء واه.
من هذه الآية نستنتج:
- إن جزاء إجتناب المحرمات في الدنيا، هو التمتع بكل الملذات في الآخرة.
- عاقبة الإنسان هي المهمة مع أن المتقين يتحملون المشاق في الدنيا، ولكن في نهاية المطاف ينالون الراحة الأبدية والرفاهية ولكن الكافرين يسعون لنيل اللذات وتحقيق رغباتهم وشهواتهم في هذه الحياة الدنيا، فيصيبهم عذاب أليم في الآخرة.
أعزائي المستمعين الى هنا نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل اللقاء بكم في حلقة أخرى قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.