البث المباشر

تفسير موجز للآيات 11 الى 13 من سورة رعد

الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 09:49 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 402

بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأهلاً بكم الى هذه حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، والتي نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 11 من سورة الرعد. فلننصت اليها خاشعين:

لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّـهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ﴿١١﴾

اعزائي المستمعين تتمّة لما ذكرته الآية السابقة من ان الله يعلم ما نسّر وما نعلن وانه لا يخفى عنه شيء في الارض ولا في السماء. جاءت هذه الآية لكي تبين ان الله قد جعل لكل انسان ملائكه تحرسه من الافكار والحوادث الطبيعية حسب تدبيره عزوجل لشؤون عباده لان الطبيعة خلق من مخلوقات الله وكل ما يحدث فيها انما هو بأمر من الله لذك فقد عبّر القرآن عن الحوادث الطبيعية بـ (امر الله). ولذلك فان الملائكة يحفظون من شاء الله من البشر من الحوادث الطبيعية. وهذا ضمن الارادة الالهية وليس خارجاً عنها. وتعقب هذه الآية باخبارنا ان كل ما ذكر حول الحوادث الطبيعية لا يمكنكم التحكم بها، ولكن مصيركم بايديكم ويمكنكم التحكم به سواء كان فردياً او جماعياً ولا تتوقعوا من الله يوكل امركم الى الملائكة.

بالكامل فان كان لابد ان يحدث تغيير في المجتمع البشري من قضاء على الفساد واصلاح للمجتمع ونشر العدل وطي صفحة الظلم والاستبداد، فهذا منوط بسعي البشر وليس بمعجزة الهية.

ثم تشير الآية الى سنة الهية أخرى وهي انك ان لم تسعى لاصلاح المجتمع سيلحقك ضرر عظيم وعذاب الهي لا يستطيع احد دفعه امر الهروب منه.

من هذه الآية نتعلّم:

  • هناك طائفة من الملائكة مأمورة بحراسة البشر من الاخطار الطبيعية، طبعاً في الامور التي لا تتعلق بالاجل وطبقاً لما يشاءه الله عزوجل ضمن تدبيره لشؤون عباده
  • ان افراد المجتمع هم الذين يعينون مصير ذلك المجتمع، والمجتمع الصالح تغمره البركات الالهية، والمجتمع الفاسد يحل عليه غضب الله.

 

والآن ايها الاخوة والاخوات لننصت واياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآيتين 12 و13 من سورة الرعد:

هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ﴿١٢﴾ 

وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّـهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴿١٣﴾

الرعد والبرق والصواعق من الظواهر الطبيعية التي تظهر في السماء وتعتبر من مظاهر القدرة الالهية. وهي من جهة، تبعث الخوف والرعب في قلوب الناس ومن جهة اخرى تمهد لنزول الرحمة الالهية عليهم. وتدفعهم للإلتجاء الى الله عزوجل والارتباط به ويصف الله صوت الرعد- الذي هو ظاهرة طبيعية- بانه نوع من الحمد والتسبيح الالهيين، اي انه ينزه الله عن كل نقص وعيب وعن اتخاد شريك ويحمده ويوحدة. والملائكة الموكلون بالسحب والامطار يخشون من معصية او امر الله ويسبحونه. لانه لا يقع امراً إلاّ بمشيئته، وكذلك الصواعق لا تصيب احداً دون اذنه، فكيف اذن يجادل المشركون والكافرون في امر وجود الله؟ فهل تراهم يتحكمون بهذه الظاهرة الطبيعية التي تتعلّق بها حياة الارض وسكانها، ام يحسبون ان لله شريكاً يقوم بهذا، تعالى الله عمّا يقولون علوّاً كبيراً.

الجدير ذكره ان الرعد والبرق امر طبيعي، ولكن في بعض الاحيان ترسل الصاعقة عقاباً وعذاباً، كما ذكر القرآن في قصة ثمود انهم أهلكوا بالصواعق.

وجاء في الروايات ان النبي (ص) كان عندما يسمع صوت الرعد، يقطع كلامه ويتوجه بالدعاء الى الله عزوجل. ان حمد وتسبيح الجمادات والظواهر الطبيعية جاء ذكره مراراً في القرآن الكريم باشكال مختلفة وهذا يبين ان لكل الموجودات شعوراً وادراكا، حتى وان لم يكن الانسان يفهم ويفقه تسبيحم كما صرح بذلك القرآن الكريم.

من هاتين الآيتين نستنتج:

  • ان التعرف على العوامل الطبيعية ودورها في الطبيعة، يجب ان يزيد من ايمان الناس، حيث ان الطبيعة والقوانين التي تسيرّها، كلها مخلوقات الله وان الله هو المهيمن عليها.
  • ان العالم كله يسبح الله ويحمده، فلا يليق بالانسان ان يشذ عنه.
  • كل شيء يسير بأمر الله، حتى الرعد والبرق اللذين هما في اصلحهما رحمة، قد يكونان عامل عذاب اذا شاء الله ذلك.

 

الى هنا اعزائي المستمعين نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على امل اللقاء بكم في حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة