بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المصطفى المختاروآله الطيبين الأطهار.
السلام عليكم أيها الاخوة والأخوات واهلا بكم في حلقة أخرى وجديدة من برنامج نهج الحياة.
عودة أخرى الى تفسير سورة يوسف المباركة، وقد وصلنا الى الآية التاسعة والستين نصغي لها خاشعين:
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ ۖ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٦٩﴾
أشارت الآيات السابقة الى أن سيدنا يعقوب عليه السلام وافق آخر الأمرعلى ارسال ولده بنيامين مع سائر إخوته الى مصركي يستلم حصته من الغلة.
ولما دخل إخوة يوسف عليه وكان معهم بنيامين ، انفرد سيدنا يوسف (ع) بأخيه وأخد يحادثه ، لقد عرف يوسف عليه السلام نفسه لأخيه بنيامين وأخذ يهدأ من روعه وقلقه. وكان القلق يساورنفس بنيامين، إنه كان يخشى أن يفعل إخوته معه ما فعلوا مع يوسف عليه السلام من قبل حسدا منهم وانتقاما.
وبعد ذلك طلب يوسف من أخيه الشقيق بنيامين أن يبقى معه ووافق بنيامين على ذلك.
ومما نستفيده من هذا النص القرآني:
- أن الكذب أمرمذموم وهو من كبائرالإثم، لكن في المقابل لاضرورة على الدوام لبيان الحقائق للجميع إلا في الوقت المناسب. سيدنا يوسف عليه السلام لم يخبر إخوته غير الأشقاء بأنه اخيهم بيد أنه في المقابل اطلع بنيامين أخيه الشقيق على الحقيقة.
- إن على الانسان أن ينسى الماضي المر، حينما ينعم الله تعالى عليه السلام من بعد ذلك بنعمة وهنا نلاحظ أن سيدنا يوسف عليه السلام حينما التقى أخاه الشقيق بنيامين بفضل الله ورحمته نسيا ما كان قد حدث في الماضي من جفاء الأخوة وحسدهم.
والى الآية السبعين من سورة يوسف عليه السلام:
فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ﴿٧٠﴾
كان يوسف عليه السلام قد قرر إبقاء أخيه بنيامين الى جانبه عسى أن يكون هذا الأمر فيما بعد وسيلة لمجيء سيدنا يعقوب وزوجته الى مصركذلك.
وخطط يوسف عليه السلام لتحقيق رغبته، حيث وضع إناءا ثمينا في متاع بنيامين.
وسارت الخطة كما أراد لها يوسف عليه السلام حيث اخذ عماله يبحثون عن الإناء الثمين بين أمتعة القافلة.
والآن نستمع الى تلاوة الآيتين الحادية والسبعين والثانية والسبعين من سورة يوسف (ع):
قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ ﴿٧١﴾
قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ﴿٧٢﴾
عندما انتبه العاملون مع يوسف عليه السلام الى فقدان الإناء الثمين الذي تكال به الغلة، قاموا بتفتيش أمتعة القافلة ، وبدأوا من أمتعة إخوة يوسف عليه السلام.
ولكي يحث يوسف عليه السلام على العثور على الإناء الضائع وضع جائزة قدرها حمل جمل من الغلة. أما المستفاد من هذا النص فهو:
- أن تعيين الجوائز ومنحها من اجل التنافس على العمل البناء أمرمقبول وهومن سنة الله تعالى وسنة أنبيائه العظام.
- أن الجائزة لابد أن تتناسب مع ظروف أي زمن ومكان ولاينبغي أن تكون جائزة فخرية وحسب كما هو موجود في هذا العصروقد رأينا من نص الآية المباركة أن الجائزة التي وضعها سيدنا يوسف عليه السلام كانت جائزة ثمينة متناسبة مع الوضع آنذاك، حيث كانت حمل بعير من القمح، وكيف لا تكون ثمينة في وقت كان القحط والجفاف فيه سائدان.
وآخر آية تتلى وتفسر في هذه الحلقة هي الآية الثالثة والسبعون من سورة يوسف المباركة حيث يقول تبارك وتعالى:
قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴿٧٣﴾
عندما رأى إخوة يوسف عليه السلام أن تهمة السرقة تتوجه اليهم، أخذوا يدافعون عن انفسهم وقالوا هذه ليست المرة الأولى التي نقدم فيها على مصر. لقد كنا قد جئنا من قبل ذلك ولم يصدر عنا أي عمل سيء من سرقة أو غيرها، فلماذا هذا التعامل معنا ونحن لسنا سراق.
وما يستفاد من هذه الآية:
- أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته بالدليل والبرهان وهذا هو المعمول به في القوانين الشريعة والوضعية. ومن مؤشرات البراءة قبل ثبوت الجرم، الماضي الحسن للشخص.
- إن السرقة هي من مصاديق الفساد في الأرض وللسارق في الشرع الشريف عقوبة قطع اليد كما نص على ذلك القرآن الكريم لكن مع توفرالشروط التي تجيز إجراء الحد الشرعي.
طبتم وطابت أوقاتكم والسلام عليكم.