بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين سيدنا ومولانا أبي القاسم محمد وعلى آله الهداة المهديين.
السلام على حضرات المستمعين الأكارم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في هذا اللقاء القرآني الجديد حيث نعيش أحداث أخرى من قصة يوسف عليه السلام.
ونبدأ بالآية السادسة والستين من هذه السورة حيث يقول عزوجل في محكم كتابه الكريم
قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّـهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ ۖ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّـهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴿٦٦﴾
عرفنا من الآيات السابقة إن أبناء يعقوب وإخوة يوسف عليهما السلام ومن أجل استلام الحصة الثانية من الغلات من مصر كان عليهم أن يأخذوا معم أخاهم الصغير بنيامين الى مصر.
وحيث أن بنيامين كأخيه يوسف عليه السلام كان محسودا من قبل إخوته، كان يعقوب عليه السلام قلقا من إرساله معهم ومن جهة أخرى كان عليه أن يرسله معهم لاستلام الغلة وعلى أي حال أنه كان أمام طريقين وخيارين لا ثالث لهما.
ولكي يحسم يعقوب الأمر طلب من أبنائه أن يقسموا بالله على الحفاظ على بنيامين وإعادته سالما، على أن سيدنا يعقوب عليه السلام وباعتباره نبيا من أنبياء الله، كان يؤمن بالقضاء والقدر وأنه من الممكن أن يحدث حدث يموت فيه الأبناء جميعا ومنهم بنيامين.
وعلى أي حال أقسم إخوة يوسف (ع) على الحفاظ على بنيامين وحذرهم أبوهم من عاقبة القسم كذبا وأن الله تعالى يحاسب على ذلك.
وما نتعلمه من هذه الآية فهو:
- أخذ العهود والمواثيق أمر قرآني ولاضير فيه وعليه فإن الضمان والكفالة والرهن أمر جائز لا بل الأفضل للمسلمين في عقودهم ومعاملاتهم من مطالبة طرفي العقد بتوثيقه وإسناده قانونا وشرعا.
- الى جانب ما ذكر لابد من التوكل على الله تعالى في أداء الأعمال واتخاذ الإجراءات ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
والى الآية السابعة والستين من سورة يوسف:
وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿٦٧﴾
عندما عزم أبناء يعقوب عليه السلام على السفر الى مصر أوصاهم أبوهم بعدة أمور ومن ذلك أنه طلب من أبنائه إن قدموا مصر أن لايدخلوها من باب واحدة لكي لايكونوا عرضة لحسد، لكن يعقوب أفهم اولاده أن القدر إذا أتى فهو بأمر الله ماض لاشك فيه وإن إرادة الله نافذة في الكون والخلق وليس برادها شيء، فهو تعالى شأنه إذا ما أراد شيئا قال له كن فيكون، تبارك وتعالى ربنا ذوالجلال والاكرام. لكن مع كل هذا على الانسان أن يمضي في عمله ويتخذ قراره في ظلال فارفة من التوكل على الله جل شأنه.
وما نتعلمه من هذه الآية هو:
- في كل فعل يفعله الانسان تتدخل إرادة الله تعالى، لكن هذا لايعني أن أفعال مخلوقة لهم كما يقول الأشاعرة وليست الأمور مفوضة اليهم بالكامل كما يذهب الى ذلك المعتزلة، بل إنه امر بين أمرين كما بنيت ذلك مدرسة أهل البيت عليهم السلام حيث قال الامام السادس من ائمة الهدى (ع) وهو الامام جعفر بن محمد الصادق –لاجبر ولاتفويض، إنما أمربين أمرين-
- من حسن الأمور التوكل على الله تعالى في الاعمال وعلى الله فليتوكل المؤمنون حيث أن الله كاف عباده والحمد لله رب العالمين.
ويقول تعالى في الآية الثامنة والستين من سورة يوسف (ع):
وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ۚ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٦٨﴾
إن وصايا يعقوب كانت من أجل أن يطمئن قلبه وتهدأ نفسه، إن هذه الوصايا ناشئة عن العلم الإلهي الذي يعلمه الله تعالى أنبيائه الكرام ومنهم سيدنا يعقوب عليه السلام.
إن الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام هم تلاميذ مدرسة السماء من وحي الله تعالى يتعلمون والى الناس بعلمهم الإلهي يفضون.
وما نستفيده من هذا النص القرآني المبارك:
- إن دعاء أولياء الله تعالى مستجاب على الدوام ذلك أنهم لايدعون إلا بما يريده الله.
- الكثير من الناس يتوجهون الى العلل والأسباب الظاهرية وإنهم غافلون عن إرادة الله.
هكذا انتهت حلقة أخرى من نهج الحياة، شكرا لكم والى اللقاء.