بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خير خلق الله سيدنا رسول الله وآله الهداة آل الله.
السلام عليكم مستمعينا الكرام وأهلا بكم في حلقة أخري من سلسلة حلقات برنامج نهج الحياة، حيث عودة أخري الي رحاب سورة يوسف(ع) لنتابع قصة هذا النبي الكريم الذي خاض الإختبار تلو الإختبار ليبقي من بعد ذلك كله كما اختاره الله نبيا صديقا، والآن لنستمع الي تلاوة الآية الثامنة والعشرين من هذه السورة الشريفة:
فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴿٢٨﴾
إن يوسف (ع) عندما أراد التخلص من زليخا، أمسكت هي بملابسه وهنا شق قميصه من دبر. وكان إن قضي أحد أقارب زليخا أن الحق مع يوسف(ع) لا الي جانب زليخا.
لقد أدرك عزيز مصر بعد هذا براءة يوسف(ع). لقد خاطب زوجته زليخا قائلا إن ماقلتيه ليس من الحقيقة في شيء، بل إنه لخداعي ليس إلا. وما نتعلمه من هذه الآية:
- إن الحق لايبقي مستورا ولابد من يوم يفتضح فيه المجرم.
- لابد من قبول الحق وإن كان في ضررنا، ولقد رأينا كيف أن عزيز مصر للحق انصاع وأيقن براءة يوسف(ع) من الإثم ومما نسبته زليخا إليه زورا وبهتانا.
والي الآية التاسعة والعشرين من سورة يوسف:
يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴿٢٩﴾
يستفاد من هذه الآية الشريفة إن عزيز مصر كان انسانا منصفا قابلا للحق؛ وبعد أن تبين له أن يوسف(ع) بريء، طلب منه أن لايذكر لأحد ماحدث حفظا لماء وجهه وزوجته.
ومن جانب آخر أوصي العزيز زوجته بطلب المغفرة عما فعلت، وفي هذا كله دلالة علي أن عزيز مصر كان يؤمن بنظام الجزاء والعقاب ومايفيده إيانا هذا النص:
- لاينبغي إفشاء أسرار الناس خاصة إذا كانت أعمالا سيئة، فالله تعالي ستار للعيوب، وقلنا في هذا النهج الإلهي المثل الأسمي.
- إن التحلل الأخلاقي أمر مذموم عند كل بني الانسان لافرق في ذلك بين دين وآخر أوحضارة وأخري ذلك أن ذم الفساد الأخلاقي أمر نابع من الفطرة السليمة،
ويقول تعالي في الآية الثلاثين من سورة يوسف عليه السلام:
وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٣٠﴾
لم يتحقق لعزيز مصر ما أراد من كتمان سر ماحدث، حيث أشاع الخبر ماحصل رجل من بلاط العزيز وهكذا انتشر الخبر بين الناس.
وبطبيعة الحال،لم يكن هذا الأمر بمقبول لدي الناس لاسيما النساء منهم، إذ كيف تقوم إمرأة العزيز بطلب الوصال مع غلام لها وهي ذات بعل.
وكان إن أصبحت زليخا حديث القاصي والداني وألقي اللوم عليها. لكن الناس فهموا أن الغلام الذي وقعت زليخا في غرامه ليس بالغلام العادي ولابد أنه يتمتع بصفات جذابة وأخري أخلاقية تميزه عن الآخرين.
لقد أراد الناس رؤية هذا الغلام وكيفما كان فإن الشغف بيوسف عليه السلام، كان من قبل جماعتين دليل علي الضلال. فإخوة يوسف لما رأوا من أبيهم شغفا بيوسف(ع) قالوا إن أبانا لفي ضلال مبين.كما أن نساء مصر قد اعتبروا زليخا التي وقعت في غرام يوسف ضالة أيضا، إذ قالوا:
/ إنا لنراها في ضلال مبين/ لكن شتان ما بين الشغفين فعشق الأب يعقوب لولده يوسف عليهما السلام عشق الهي وطاهر بينا عشق زليخا ليوسف إختلط بهوس وغير طاهر. فأين النزة والشهوة من الحب الخالص؟
إن الناس قد لايدركون معني العشق الإلهي ويصفون اولياء الله الذين يعشقون ذات القدس الربوبي بالجنون العته. وهذا من قصور عقول اولئك الناس وعدم فهمهم.
وما نستفيده من هذا النص القرآني الشريف الآتي:
- إن إغلاق الأبواب واقتران الإثم وراءها لايعني بقاء أمر الآثم مخفيا، إذ لابد من يوم تظهر فيه الحقيقة، وعند ذلك يباء الانسان بالخسران المبين.
- ان الناس وجهوا سهام نقدهم وتقريحهم لزليخا لا لأنها امرأة وحسب قد وقعت في مستنقع الخيانة، بل لأنها زوجة العزيز وقد خانته.
ألبسنا الله واياكم حلة الأمانة ووفقنا لصالح أعماله بعيدا عن الخيانة، والسلام خير ختام.