بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات واهلا بكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج.
كما تعلمون أيها الأعزاء فإن بعض سور القرآن الكريم مسماة بأسماء الأنبياء (ع) مثل سورة محمد وسورة ابراهيم وسورة يونس عليهم السلام وبعد أن مر علي مسامعكم تفسير سورة هود ها نحن نشرع بتفسير سورة يوسف المباركة. والذي يميز هذه السورة عن غيرها إنها تتحدث بالكامل عن حياة النبي يوسف علي نبينا وآله وعليه السلام، ومن الجدير أن نذكر هنا أن قصة يوسف (ع) قد وردت في العهد العتيق أو التوراة في سفر التكوين بيد أن القصة هنا تختلف عما جاء في القرآن الكريم.
إن دراسة آيات الفرقان المبين حول النبي يوسف (ع) توضح لنا أحقية القرآن أكثر فأكثر، ومن جهة أخري يمكن أن يتوضح التعريف الذي طال الكتب السماوية الأخري.
ومن بعد هذه المقدمة نستمع الي تلاوة الآيتين الأولي والثانية من هذه السورة:
الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿١﴾ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٢﴾
إن هذه السورة المباركة وكـ29 سورة أخري قد بدأت بالأحرف المقطعة وهي رموز لأسرار لا يعرفها إلا الله تعالي ورسوله الخاتم (ص). وهذا وجه من وجوه التفسير و هناك من يري أن الأحرف المقطعة تشير إعجاز القرآن إذ أنه نزل بالأحرف العربية ومع هذا عجز فصحاء العرب عن الآيتان بمثله ولعل ما يؤكد المعني الإعجازي الذي تتضمنه هذه الحروف المقطعة هوما يتبعها من حديث الوحي الإلهي عن عظمة القرآن وجلالة قدره.
وتشير هاتان الآيتان الي أمرين مهمين هما:
- القرآن كتاب نور وكتاب حق وهو نبراس الحياة يأخذ بيد الإنسان الي جادة الصواب فهو كما قال مولانا اميرالمؤمنين علي (ع) الهادي الذي لايضل.
- إن علي الجميع التدبر والتفكر في آيات القرآن، إذ في هذا التدبر ماينير العقل ويضيء البصيرة.
- إن القرآن الكريم لم ينزل لكي يقرأ فقط وإن كان في تلاوته ثواب كبير إلا أنه نزل دستورا للحياة البشرية تطبق أحكامه في المجتمع ليسود العدل والمساواة فيه.
وعلي أي حال فإن مانتعلمه من النص الشريف الذي استمعتم اليه:
- إن اللغة العربية هي لغة القرآن ومن الأجدر بالمسلم غير العربي أن يتعلم لغة القرآن الكريم.
- كما مر القرآن خير سبيل لتفكر الإنسان وتدبره في خلق السماوات والأرضين وكل الوجود ( أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها)
والي الآية الثالثة من سورة يوسف حيث يقول عزوجل وهوأصدق القائلين:
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴿٣﴾
كما هو واضح من النص فإن الباري تبارك وتعالي اطلع رسوله الخاتم محمد (ص) علي حياة الأمم الماضية والرسل الذين سبقوا عن طريق الوحي المبين وجاء كل هذا في أحسن القصص. وبشكل عام فإن القصة وعلاوة علي كونها نصا أدبيا يشد القاريء، لها دور مهم في تربية النفس البشرية وتكون القصة ذات فائدة أعمق وأدق إذا كانت من الواقع ولم تكن من نسج الخيال، وقصص القرآن واقعية، أو لنقل حقيقية، لأن المنبيء بها وهي السماء ذلك الوحي الصادق الذي ينزل علي صدور صادقة هي للمختارين من عباد الله الصالحين.
ومن الضروري أن نذكر هنا أن حقائق القرآن أصبحت مدار بحث ودراسة في الجامعات والمراكز العلمية في العالم، الأمر الذي يعكس جدارة الكتاب المقدس لدي المسلمين الذي نزله الرحمن رحمة للعالمين.
صاحب هذه القصة النبي الكريم يوسف بن يعقوب عليهما السلام.
إنه شاب امتلأ قلبه ايمانا وزان الصبر وجوده فكان شامخ القامة لايلين وكان (ع) بتعبير القرآن من عباد الله المخلصين.
إن محور هذه القصة القرآنية الشريفة هوطهارة النفس، إذ تميز يوسف (ع) بهذه الطهارة وتمكن بواسطتها من التغلب علي هوي النفس أعدي أعدائها.
ومما يلاحظ في قصة يوسف (ع) تجمع الأضداد فيها. ومن ذلك الفراق والوصال والحزن والفرح، القحط والبركة، الجفاء والوفاء، العبودية والملك، العفة والبهتان.
إن لفظ الغفلة الذي في النص يعني عدم العلم وهذا في حد ذاته ليس بعيب.
إن الغفلة المذمومة هي التي تأتي من بعد العلم والمعرفة.
وكما هو معلوم فإن الرسول الأكرم (ص) ما كان ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي، إنه لم يكن يعلم قصة يوسف (ع) وأنبأه الله بها، فهذه الغفلة لم تأت بعد علم وهي اذن غير مذمومة ولاتقدح أبدا في عصمة سيد المرسلين (ص).
ومايفيده هذا النص هو الآتي:
- قص قصص العظام علي مر التاريخ وفي مقدمتهم الرسل الكرام فيه للإنسان دروس وعبر وبيان ذي شأن ومقام.
- إن أحسن القصص هي قصص القرآن إنها تأتينا من منبع الوحي الفياض عن ذات الله المقدسة.
جعلنا الله واياكم من المتمسكين بحبل الله المتين ومن السائرين علي درب نبيه الكريم وآله الطاهرين والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته.