بسم الله الرحمن الرحيم أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم الي هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة والتي نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 111 من سورة هود فلننصت اليها خاشعين.
وَإِنَّ كُلًّا لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ ۚ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴿١١١﴾
إحدي السنن الإلهية هي أن نظام الثواب والعقاب مبني علي اختيار الإنسان نفسه، والعدل الإلهي يقتضي أن مجازاة أي انسان تستوجب أن يكون الذي يجازي علي علم كامل بدوافع الإنسان وأعماله ونياته، وأن الله مطلع علي أفعال الانسان الظاهرة والباطنة وعلي أفكاره الحسنة والسيئة ولا يخفي عليه شيء، طبعا أساس نظام المجازاة يختص بيوم القيامة، ولكن الله يفرض شيئا من الثواب والعقاب في هذه الدنيا أيضا.
من هذه الآية نستنتج:
- في نظرته الشمولية للكون، لا يهمل الله أي عمل حسن أو سيء دون الجزاء.
- إن الله لا يقلل من الثواب أو عقاب أي أحد، ولا يحيق الظلم بأي إنسان.
والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت واياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآية 112 من سورة هود:
فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿١١٢﴾
تتمة للآيات الماضية التي تناولت مخالفة المشركين وأهل الكتاب للنبي (ص) والمؤمنين تخاطب هذه الآية الرسول وأصحابه موضحة أن لايحملنكم شك وريبة المخالفين علي أن يضعف ايمانكم فتوافقونهم الرأي، بل أثبتوا علي جادة الصواب، وفي نفس الوقت لا تتجاوزوا حدود الله فإن الله بكم عليم.
جاء في الروايات أن النبي (ص) قال: ( شيبتني سورة هود) وهو إنما يعني هذه الآية التي لم تأمر النبي (ص) لوحده بالصبر والاستقامة، بل أمرت أصحابه أيضا بذلك.
من هذه الآية نستنتج:
- إن ثبات الإمام يستتبع استقامة الأمة، والامام عليه أن يكون قدوة للجميع.
- علينا أن لا نظهر الضعف أمام المخالفين ولا القوة المفرطة والطغيان، بل أفضل سبيل هو الاعتدال والاستقامة.
والآن مستمعينا الكرام لننصت واياكم خاشعين الي تلاوة عطرة للآية 113 من سورة هود:
وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ﴿١١٣﴾
بعد أمر الله للنبي (ص) وأتباعه بالاستقامة والصبر والثبات تحذرهم هذه الآية أنهم إن أظهروا للمخالفين لدين الله المودة والمحبة أو اعتمدوا عليهم في أمورهم، فلا تظنن أنهم سيساعدونهم في أثناء محنتهم ويساندونهم، وخاطبتهم الآية بما مؤداه أن وليكم الحقيقي هو الله ولا ولي لكم دونه، وإن الميل الي المخالفين والظالمين لا نتيجة له سوي غضب الله في الدنيا ونار جهنم في الآخرة. جاء في الروايات والأحاديث الشريفة نهي مشدد عن الميل للظالمين ورجاء مساعدتهم حتي إن كانوا من الأقرباء أو العشيرة حتي بقدر تمني بقاء الظالمين علي قيد الحياة فهذا يجعل المتمني لبغائهم شريكا لهم في الظلم.
من هذه الآية نستنتج:
- بدلا من الاعتماد علي القوي الظالمة علينا أن نتوكل علي الله فهو أقوي منهم بكثير.
- في السياسة الاسلامية من الممنوع الاعتماد علي الكافرين والظالمين فإن ذلك من كبائر الذنوب.
- نتيجة الاعتماد علي الظالمين هي أنهم يخذلوننا عندما نحتاج اليهم.
والآن مستمعينا الأكارم لننصت واياكم خاشعين الي تلاوة عطرة للآيتين 114و115 من سورة هود:
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ ﴿١١٤﴾
وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿١١٥﴾
بعد دعوة الرسول (ص) والمؤمنين الي الصبر والثبات وتجنب إقامة علاقات مع المخالفين، تأمر هذه الآية النبي (ص) وأتباعه بالصلاة والدعاء وذكر الله ، لأن الارتباط بالله يؤدي الي الاستقرار النفسي وكسب القدرة علي مواجهة الأخطار الخارجية، بالإضافة الي أن هذا الارتباط يؤدي الي المغفرة ومحو الذنوب والتكفير عن السيئات، لذا نري في هذه الآيات بعد الأمر بإقامة الصلاة، تكرر الأمر بالصبر والاستقامة الذي هو من ثمار الصلاة.
جاء في الروايات أن الامام علي (ع) دخل علي قوم وسألهم عن أرجي آيات القرآن أي أكثر آية تبعث الرجاء والأمل في قلب الانسان؛ كل منهم أجاب بجواب وذكر آية من آيات القرآن. وعندها أخبرهم – عليه السلام- أنه سمع من رسول الله (ص) أن أكثر الآيات رجاءا في القرآن الكريم ( أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات) ثم أخبره أن الانسان عندما يتوضأ تتساقط عنه ذنوبه وعندما يقف أمام القبلة يتطهر وأن مثل الذي يصلي مثل من يغتسل في نهر خمس مرات في اليوم، فهل يبقي عليه من درن؟
من هاتين الآيتين نستنتج:
- الصلاة، برنامج منتظم لها زمان معين، ويجب أن تقام كل صلاة في أوقاتها.
- الصلاة أوضح مصداق للعمل الحسن الذي يمحو آثار الأعمال السيئة.
أعزائي المستمعين الي هنا نأتي الي ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة علي أمل إذ نلتقيكم في الحلقة المقبلة نستودعكم الله والسلام عليكم.