البث المباشر

تفسير موجز للآيات 45 الى 49 من سورة هود

السبت 22 فبراير 2020 - 15:37 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 351

بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام علكيم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة والتي سنبدؤها بتلاوة عطرة للآيتين 45 و46 من سورة هود، فلننصت اليها خاشعين:

وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ﴿٤٥﴾

قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٤٦﴾

علمنا من الآيات السابقة ان ابن نوح (ع) لم يركب السفينة مع ابيه وغرق مع الكافرين، وفي الآية 45 ينادي نبي الله نوح عليه السلام ربه بما مضمونه: أن ياربّ انك وعدتني ان تنجي اهلي وانا أعلم ان وعدك الحق، فلماذا اذن غرق ولدي وهو من اهلي. وفي الآية اللاحقة يأتيه جواب ربه بما مؤداه: اجل ان وعدي حق ولكن ولدك لا يعتبر من اهلك، لانه لم يؤمن بالله وانه صاحب الكافرين وتبع سبيل الظالمين (غير الصالحين) فاصبح منهم غير صالح. يفهم من كلام نوح (ع) انه لم يكن يعلم ان ولده كافر وانه سيكون من المغرقين، لذا فانه عندما امر ان يصحب معه اهله والمؤمنين، دعا ابنه وطلب منه ان يركب الفلك معه، وعندما عصاه ولم يطعه لم يقل له نوح (ع) لا تكن كافراً، بل قال له لا تكن مع الكافرين، وعلى هذا الاساس خاطب سبحانه وتعالى نوحاً بقوله (فلا تسلئن ما ليس لك به علم) فهذا اسلوب الجاهلين.

نستنتج من هاتين الآيتين:

  • ان العلاقات الدينية اقوى من العلاقات العائلية فأتباع نوح كانوا منه لانهم تبعوه وآمنوا به فنجوا من الغرق. ولكن ابن نوح (الكافر) لم يكن من اهله لانه لم يؤمن ولهذا لم ينج من الغرق وهلك مع الكافرين.
  • في التعاليم الالهية نجد العلاقة الايمانية اهم من العلاقة النسبية، لهذا لم يكن ابن نوح افضل من الآخرين، لانه لم يكن مؤمناً.
  • عندما ندعو الله فلا يستجاب لنا، يجب ان لانستاء لان الله يعلم ما لا نعلمه.
  • الانسان مختار بين الكفر والايمان، حتى زوج النبي وابنه ليسا مجبرين ان يكونا مؤمنين.

 

والآن ايها الاخوة والاخوات ننصت واياكم خاشعين لتلاوة الآية 47 من سورة هود:

قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٤٧﴾

بعد ان نصح الله عزوجل نوحاً، استغفر نوح (ع) ربّه طالباً منه المغفرة والرحمة. فالانبياء يعرفون انهم يجب ان يتواضعوا لله عزوجل عندما يعظهم ويستسلمون لارادته وان يخضعوا له. لانهم يعرفون ان الله يريد الخير للجميع وخاصة انبياءه والمؤمنين، وهو عالم بكل شيء ويدبّر الامور بحكمة ويفعل ما فيه مصلحة المؤمنين.

من هذه الآية نستنتج:

  • ان التوبة تحفظ الانسان من البلايا وتحفظ لسانه من قول ما لا ينبغي له قوله.
  • حتى الانبياء لا يتحقق لهم ما يأملون الاّ برحمة من الله، ومن لا يرحمه الله يكن من الخاسرين.

 

والآن مستمعينا الافاضل لننصت خاشعين الى تلاوة الآية 48 من سورة هود:

قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٤٨﴾ 

بعد أن انحسر الماء عن سطح الارض ووقفت السفينة هبط النبي نوح (ع) واتباعه وأنحدق الله عليهم النعم والبركات الطريف هنا ان الأمر الهبوط صدر اولاً الى آدم (ع)، ثم الى نوح (ع). وكان نوح هو الاب الثاني للبشر بعد آدم. ومرة اخرى ولد من نسله ونسل اتباعه اجيال واجيال، آمن فريق منهم وكفر آخرون، وهكذا استمرّ الوضع على هذا المنوال حتى اليوم.

من هذه الآية نستنتج:

  • ان النعم هي خير وبركة وسلامة للمؤمن بينما هي لا تتجاوز كونها متاع الحياة الدنيا للكافر.
  • ان الله لا يحرم الكافرين من متاع الدنيا، ولكن سنته قضت ان يمهل الله الناس كي يستفيدوا من هذه النعم لتكون اما نعمة عليهم او نقمة.

 

والآن اعزائي الكرام ننصت خاشعين لتلاوة الآية 49 من سورة هود:

تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴿٤٩﴾

بهذه الآية مستمعينا تنتهي قصة النبي نوح (ع)، وهذه الآية تتوجه بالخطاب لرسول الله محمد (ص) لتوضح أن في الحدث درس وعبرة لك ولقومك وللاجيال اللاحقة، انظروا هذه هي عاقبة المؤمنين المتقين وان النصر لا ينال إلاّ بالصبر والثبات، كما صبر نوح (ع) قروناً ثم نصر، الله.

 

وبهذا اعزائي المستمعين نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة بانتظار أرائكم واقتراحاتكم لكم منا اطيب المنى والى اللقاء في حلقات قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة