البث المباشر

تفسير موجز للآيات 42 الى 44 من سورة هود

السبت 22 فبراير 2020 - 15:29 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 350

بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام علكيم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم الى هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة والتي نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 42 من سورة هود، فلننصت اليها خاشعين:

وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ﴿٤٢﴾

تحدثت الآيات السابقة انه بعد عناد قوم نوح عليه السلام واصرارهم على الكفر والاطحاد. اوحى الله لنوح أن هؤلاء سيأخذهم عذاب اليم، فاصنع الفلك ليكون وسيلة لنجاة المؤمنين من ذلك العذاب.

ففار الماء من الارض وهطلت امطار غزيرة وجرى سيل عظيم على وجه الارض وجرت السفينة كما عبر عنها القرآن في امواج كالجبال قضت على المفسدين. وللأسف كان ابن نوح قد التحق بالكافرين وترك سبيل ابيه ولذا لم يركب السفينة وإنما لجأ الى ركن ما. ولكن العاطفة الابوية دفعت نوح عليه السلام في آخر لحظة الى تجديد دعوته له بالكف عن العناد والاصرار على الكفر لعله يؤمن لما رأى العذاب قادماً ويدع الكفر والالحاد. وتتمة ما جرى سنقرأه في الآية القادمة، ولكن ما نستنتجه من هذه الآية هو:

  • ان الوالدين مسؤولون عن مصير اولادهما، ولا تعفيهما المسؤولية الاجتماعية من ذلك.
  • ان مجالسة الكافرين تضل حتى ابناء الانبياء عن السبيل الحق والصراط المستقيم.

 

اما الآن ايها الاخوة والاخوات فلننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآية 43 من سورة هود:

قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴿٤٣﴾

جواباً على دعوة الاب لترك الكفر والركوب في الفلكن بدلاً من ان يتأمل كلام ابيه ويصدقه، اصر ابن نوح على ضلاله وحسب انه سينجو من الطوفان ان آوى الى جبل وينجو من غضب الله، وهو لا يعلم ان الجبل ايضاً من المطيعين لاوامر الله كبقية الموجودات، وقد يصبح ذلك الجبل موضع هلاكه ان اراد الله ذلك. ولم تنفع نصيحة الاب ابنه وقبل انت تنتهي محادثتهما جاءت موجة كبيرة فابتلعت الابن وقضت عليه.

من هذه الآية نتعلم:

  • في مواقع الخطر يلجأ المؤمن الى الله، والمشرك الى القدرات المادية.
  • الماء الذي هو اساس حياة الكائنات، يصبح سبب الهلاك بامر الله.
  • في حالات الجزاء والعقاب الالهيين، لا تنفع العلاقات العائلية، فحتى ابن النبي ان كان كافراً سيؤول مصيره الى الغرق ولا يمكن لابيه ان ينقذه.

 

والآن مستمعينا الكرام لننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآية 44 من سورة هود:

 وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٤٤﴾

هذه الآية تحكي حادثة واقعية تاريخية وقعت في زمان النبي نوح (ع) عندما اغرق طوفان عظيم جميع الارض، ثم انتهى كل شيء وولدت اجيال من اولئك المؤمنين الذين نجوا في الفلك. واما عن محل جبل الجودي الذي رست عنده السفينة، فقد اختلف المفسرون، فمنهم من يقول انه احد الجبال في سلسلة جبال آرارات في تركية، ومنهم من يقول انه قرب الموصل في العراق، وآخرون قالوا انه في اماكني اخرى.

ولكن لاشك ان ذلك قد وقع، وقد ذكره الله على انه بسبب غضب الله على الكافرين في ذلك الزمان. اذن يجب ان نكون حذرين فقد تكون الكوارث الطبيعية كالسيول والزلازل مظاهر لغضب الله في الحياة الدنيا.

ومن الناحية الادبية، يصف الادباء العرب هذه الآية بانها من ابلغ وافصح آيات القرآن الكريم وذلك لانها وصفت واقعة عظيمة بعدة جمل قصار.

من هذه الآية نستنتج:

  • ان الارض والسماء مطيعتان لاوامر الله جل وعلا، وان الله يتحكم بالقوانين الطبيعية ولا يتبعها.
  • ان الظلم لا يقضى عليه بالقضاء على الظالمين، ولهذا يجب ان تستمر ظاهرة البراءة من الظالمين على مدى التاريخ.

 

 

اعزاءي المستمعين وبهذا نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على امل ان نلتقيكم في حلقة قادمة لكم منا اطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة