بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام علكيم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم الى هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، نبدؤها بتلاوة عطر للآيتين 29 و30من سورة هود، فلننصت اليها خاشعين:
وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ ۚ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ﴿٢٩﴾
وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّـهِ إِن طَرَدتُّهُمْ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿٣٠﴾
ذكرت الآيات السابقة ان النبي نوح (ع) قد دعا ومه الى التوحيد، ولكن المستكبرين وزعماء قومه تصدوا له ولاتباعه بالاهانة والتحقير ووصفوا قومه بانهم اراذل ومهانين، فردت عليهم هذه الآية بان نوح (ع) لم يطلب منكم مالاً اوجاهاً ازاء دعوته كي يكون ذلك سبباً لعدم استجابتكم لدعوته. ثانياً: لا ينبغي له ان يطرح الفقراء والمحرومون لكي تؤمنوا به انتم الاغنياء والزعماء، وإن اشتكى هؤلاء الى الله فلن يملك نوح جواباً على هذا السلوك.
بل ان هذا الطلب الذي تقدم به المستكبرون غير مقبول، وهو يدل على جهلكم بالحقائق الالهية والمعنوية وانكم تقيسون الآخرة بمقاييس الدنيا وتظنون انكم شعب الله المختار.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- احد أدلة صدق الانبياء قناعتهم، كما ان مفتاح نجاحهم يكمن باعراضهم عن المال والجاه.
- ينبغي على الحكومة العادلة ان لا تبعد الطبقة الفقيرة المحرومة لاجل نيل رضا الاثرياء، بل عليها ان لا تكترث بالمطاليب الواهية غير المشروعة، أيا كان مصدرها
والآن ايها الاخوة لننصت واياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية (31 من سورة هود):
وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّـهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّـهُ خَيْرًا ۖ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ ۖ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٣١﴾
ومما قاله نوح لقومه اشارته الى مطاليب اخرى لبعض الافراد، الذين كانوا يتوقعون ان يمتلك نوح كثراً من الذهب ليغدق عليهم منه، أو ان يعلم الغيب فيخبرهم بما سيحل بهم في المستقبل، او يرفع عنهم المشاكل في المستقبل. والادهى من ذلك ان الكفار كانوا يحسبون ان انبياء الله يحيون كالملائكة مستغنين عن الطعام والشراب والنساء وبذلك يكونون كائنات ارقى من البشر. ولكن نوح (ع) اجاب عن هذه المطاليب بانه بشر يحيا حياة طبيعية كبقية البشر، وان الفرق الوحيد بينه وبينهم هو انه يوحى اليه امور من ربه وهو مأمور بابلاغ هذه الامور وتطبيقها. لذا فلا كنز لديه ولا يعلم الغيب، وانما هو بشر يوحي اليه الله ما يشاء، كما اخبرهم انهم مخطئون بشأن اتباعه، وانهم لحسبون ان المؤمنين يجب ان يكونوا من طبقة المرفهين، ولهذا فهم ينظرون الى اتباعه على انهم مهانين، وهذا مطلب غير مشروع لأن الله وحده يعلم بما تخفي الصدور، ولربما انعم الله عليهم بنعم حبسها عنكم، ولهذا فان طردهم وابعادهم يعتبر ظلماً لهم وما انا بفاعل هذا.
من هذه الآية نستنتج:
- سيرة الانبياء (ع) كانت تتضمن دعوة الناس وارشادهم، وليست ادعاءات واهية لجذب الناس.
- علينا ان لا نبالغ ولا نغالي في الانبياء والاولياء ولا نقول إلاّ ما فيهم.
والآن ايها الافاضل تعالوا لننصت خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 32 من سورة هود:
قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٣٢﴾
عندما يفشل الافراد غير المنطقيين في جدالهم مع الانبياء، فبدلاً من الاذعان للحق يطرحون مطاليب اخرى غير مشروعة. فالمخالفون لنوح (ع) بدلاً من تبني المنطق السليم سئموا من النقاش وطلبوا منه ان ينزل عليهم عذاب الله ان كان صادقاً، غافلين عن ان العذاب ليس بيد الانبياء (عليهم السلام) بل بيد الله ينزله متى شاء ومتى كان فيه عبرة للآخرين، لان العذاب الحق يكون في يوم القيامة، اما عذاب الدنيا فتابع لمشيئة الله عزوجل.
نستنتج من هذه الآية:
- ان امهل الله احداً فذلك معناه انه اعطاه فرصة ليتوب عن ما اقترفه. وليس دليلاً على انه على حق لان الله سبحانه وتعالى لم ينزل عليه العذاب.
- ان دعاء نوح ربّه باغزال العذاب على قومه جاء بعد ان طلبوا منه ان ينزل عليهم العذاب ان كان صادقاً وبذلك اعلنوا استعدادهم لتقبل هذا العذاب.
الى هنا اعزائي المستمعين نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على امل ان نلتقيكم في حلقة مقبلة وتفسير لآيات اخرى من القرآن الكريم نستودعكم الله والسلام عليكم.