بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام علكيم ورحمة الله وبركاته. واهلاً بكم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 6 من سورة هود:
وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴿٦﴾
تشير هذه الآية الى موضوعين، الاول هو رزق الله الواسع، والآخر علم الله الشامل. ان الله ليس خالق المخلوقات فحسب، بل ورازقهم ايضاً. اي انه يهيء لهم ظروف البقاء، وهذا لا يقتصر على الانسان فقط. بل يشمل كل الكائنات الحية الصغيرة منها والكبيرة.
فالله سبحانه وتعالى قد خلق ما يحتاجه جميع الكائنات الحية من ماء وغذاء واوكسيجين وضوء ودفء وغيرها ووفره لهم على الارض، ومن جهة اخرى علمهم كيفية الاستفادة منها، فالطفل الذي يولد يوفر الله له الحليب في صدر امه ويعلمه ان يمتصه ليحصل على الغذاء اللازم له.
فهذا الرزق العام الشامل يقتضي علماً شاملاً بكل الكائنات، واحتياجاتها. فالحيوانات يجب ان تتحرك وتتنقل من مكان الى آخر، وهذا ما نراه في كسب ارزاقها بوضوح، وكل هذه الامور مخزونة في علم الله، فعلمه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ احصاها.
من هذه الآية نستنتج:
- ان الله قد وفر لكل مخلوق رزقه وهذا ما اعتبره عزوجل احد حقوق المخلوقات على الخالق.
- كون الرزق بيد الله لا يتعارض مع السعي وبذل الجهود للحصول عليه.
والآن لننصت واياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآية 7 من سورة هود:
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿٧﴾
نفهم من هذه الآية ومن آيات اخرى من القرآن الكريم ان اول ما خلق هو الماء، ومنه خلق الله سبحانه وتعالى ما في الكون ولكن ليس في لحظة واحدة، بل في مدة ستة ايام. اما الهدف من خلق العالم او خلق الانسان على الاقل فهو رشد وتعالي الانسان الذي لا يتم إلاّ في ظل ابتلاءه بشتى الابتلاءات. كما انه في النظام التعليمي يجب ان يجتاز التلميذ امتحانات متعددة اسبوعية وشهرية وسنوية فتكون هي الدافع له ليتعلم العلوم ويرتفع مستواه العلمي وكذلك في النظام الالهي كل من يعمل عملاً افضل واحسن يكون اسمى مرتبة ومقاماً ويجتاز الامتحان الالهي، ولا يجتازه ما لم يقترن علمه بعمله. وكل امتحان ينتهي بفوز قوم وفشل آخرين، وكذلك امتحان الدنيا ولكن النتيجة تعلن في الحياة الآخرة، ليجزى كل انسان ما عمل، او يعاقب على تقصيره او سوء افعاله.
من هذه الآية نستنتج:
- مع انه بامكان القدرة الالهية ان تخلق كل شيء في لحظة واحدة ولكن الحكمة الالهية تقتضي خلق الاشياء بصورة تدريجية.
- ان كيفية العمل اهم من كميته، بانجاز عمل افضل واحسن.
والآن ايها الاكارم لننصت خاشعين الى تلاوة الآية 8 من سورة هود:
وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ۗ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٨﴾
طالما حذر الانبياء اممهم من عواقب معصية الله وارتكاب الذنوب والمنكرات لكن لا يصيبهم العذاب في الدنيا، اما المجرمون فقد كانوا اسارى لجهلهم وغرورهم، وبدلاً من اخذ هذا التحذير على محمل الجد، سخروا واستهزؤا من هذا الكلام. في هذه الآية يبين لهم الله عزوجل انه ان أخر عنهم العذاب بلطفه ورحمته، فهذا لا يعنى انه رفعه عنهم. بل ان المجرمين سيعذبون دون شك في هذه الدنيا وهذا الذي كانوا به يستهزؤن يحلّ بهم.
ومن الطبيعي ان تأخير العذاب يعطيهم فرصة للتوبة وفعلاً تنال فريقاً منهم الرحمة الالهية، ولكن هذه الفرصة محدودة ولابد ان تنتهي يوماً لذلك يجب المبادرة إليها قبل فوات الأوان.
من هذه الآية نستنتج:
- الصبر الالهي، فرصة للتكفير عن السيئات.
- الاهانة والسخرية والاستهزاء، طريقة لتعامل الكافرين مع العقيدة الاسلامية، لانهم لا حجة لهم امام حجة المؤمنين الدامغة.
اعزائي المستمعين الى هنا نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على امل اللقاء بكم في حلقة مقبلة. نستودعكم الله والسلام عليكم.