ومثل الأئمّة الأطهار عليهم السلام الّذي أضاف كلّ واحدٍ منهم بجهاده صفحةً على تاريخ الإسلام المليء بالمفاخر، فإنّ هذا الإمام العظيم قد أضاف بعمله إلى الإسلام دعامة مهمّة من الجهاد الشامل، وقدّم لنا درساً عظيماً. وذاك الدرس العظيم هو أنّه عندما نكون في مواجهة القوى المنافقة والمرائية يجب أن نسعى جهدنا من أجل أن نستنهض وعي الناس لمواجهة هذه القوى.
فلو أنّ العدوّ يظهر عداءه بنحو صريح وعلنيّ ولا يرائي، فإنّ التعامل معه أسهل. ولكن عندما يكون العدوّ كالمأمون العبّاسي الّذي يتظاهر بالقداسة والدفاع عن الإسلام فإنّ التعرّف عليه سيكون صعباً بالنسبة للناس.
في عصرنا هذا، وفي جميع عصور التاريخ، كان المتسلّطون يسعون دائماً للتوسّل بالحيلة والرياء والنفاق عندما يعجزون عن مواجهة الناس وجهاً لوجه... وقد بذل الإمام علي بن موسى الرضا (صلوات الله عليه) والإمام الجواد (صلوات الله عليه)، الهمّة من أجل كشف قناع التزوير والرياء هذا، عن وجه المأمون ونجحوا في ذلك.
إنّ هذا العظيم هو مظهر المقاومة وعلامتها. إنسانٌ عظيمٌ أمضى كلّ عمره القصير بمواجهة ومعارضة السّلطة المزوّرة والمرائية للخليفة العبّاسي - المأمون - ولم يتراجع خطوةً واحدةً وتحمّل جميع الظروف الصعبة وجاهد بكلّ الأساليب الجهادية الممكنة.
وكان أوّل من أشاد بنيان بحث الحرّية بصورةٍ علانية. وكان يباحث العلماء والدعاة والمدّعين ومختلقي الأعذار في محضر المأمون العبّاسي بشأن أدقّ القضايا ويستدل ويثبت أفضليّته وحقّانية كلامه. إنّ بحث الحرّية هو من تراثنا الإسلاميّ، وقد راج هذا البحث في زمان أئمّة الهدى، وقد تطرّق الإمام الجواد عليه السلام ، هذا الإمام الجليل، إليه في زمانه وتعرّض له بصورةٍ صافية ونقيّة.
*من كتاب "إنسان بعمر 250 سنة" للإمام الخامنئي