بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد بن عبدالله واله الطاهرين السلام عليكم ايها الأخوة والأخوات واهلاً بكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج
ها نحن مرة اخرى واياكم في رحاب طاهرة ومقدسة هي رحاب القرآن الكريم وتفسير آيات اخرى من سورة يونس المباركة، ونبدأ بالآيتين التاسعة والسبعين والثمانين حيث يقول تعالى:
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴿٧٩﴾
فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ ﴿٨٠﴾
بينت الآيات السابقة ان الله تعالى بعث موسى (ع) لهداية فرعون وملأه الى الحق والتوحيد وكانت رسالة موسى على نبينا واله وعليه السلام تهدف الى تحرير بني اسراةيل من جور فرعون وطغيانه ويبين هذا النص القرآني الشريف ان فرعون ولعجزه عن محاججة رسالة السماء اتهم موسى (ع) بأنه ساحر وان معجزاته ليست من عند الله والعياذ بالله بل هي ضرب من ضروب السحر. ومن اجل مواجهة النبي الألهي دعا السحرة الى مجلسه بحضور موسى (ع)
كان موسى (ع) على يقين من حقانية دعوته ومن هنا لم يعبا ابداً بحضور السحرة وطلب منهم ان يلقوا ما عندهم من سحر.
ونتعلم من هذا النص مايلي:
- ان الطواغيت من اجل نيل اهدافهم غير المشروعة يستمدون العون ممن عرفوا بفقهاء السلاطين، وفي الحقيقة انهم اي الطغاة يستغلون العلم لمآرب غير صائبة.
- الأنبياء على يقين من دعواتهم السامية ومن هنا لا يضيرهم كيد الطغاة
ويقول اصدق القائلين في الأيتين الحادية والثمانين والثانية والثمانين من سورة يونس:
فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴿٨١﴾
وَيُحِقُّ اللَّـهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴿٨٢﴾
ان قصة السحرة ومواجهة موسى (ع) لهم في بلاط فرعون ملك مصر قد جاء ذكرها في سورة الشعراء من القرآن الكريم كذلك. لقد القى السحرة عصاياهم وحبالهم وقالوا وعزة فرعون نحن المنتصرون.
وفي الحقيقة ما فعلوه السحرة عند فرعون لم يكن سوى خداع بصر جعل الناظر يتصور ان العصي والجعال قد تحولت الى ثعابين.
ان موسى (ع) اوضح لهؤلاء ان الله تعالى مبطل سحرهم، وانه مظهر للحقيقة نعم ان الله جل شأنه يبين الحق الناصع وينشر النور الساطع ولو كره الكافرون.
ونتعلم من هذا النص المبارك:
- ان الباطل وان يبدو براقاً الا ان مصيره الى زوال
- ان ما يريده المستكبرون من الوقوف بوجه الحق لا اثر له اما ارادة الله جل شأنه لانه تعالى فعال لما يريد يقل للشيء كن فيكون، ان وعد الله حق والله لا يخلف الميعاد. وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.
ولنستمع الى الآية الثالثة والثمانين من سورة يونس اذ يقول تبارك اسمه:
فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ۚ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ﴿٨٣﴾
في بداية دعوته السماوية وجه موسى نداء الحق الآلهي الى فرعون واهل بلاطه. وفي المرحلة الثانية خاص موسى على نبينا واله وعليه الصلاة والسلام حرباً ضد ايادي الطغاة من السحرة وخرج من هذه الحرب باذن الله منتصراً وفي المرحلة الثالثة توجهت دعوة التوحيد الى بني اسرائيل فأمن في البداية بموسى (ع) الشباب.
ان بني اسرائيل كانوا يتعرضون للتعذيب والأذى من قبل فرعون وجنوده، وكانت الدعايات السمومة في بعض الأحيان تعمل على حرفهم عن نهج الحق وطريق الصواب.
وما يمكن ان نستفيده من هذه الآية:
- الشباب هم الفريق الأول الذي امن بموسى (ع) ودعوته لآن قلوبهم كانت على الفطرة السليمة خالية من براثن الشرك والكفر.
- ان دعوة الحق لابد من قبولها لأنها منار القلوب وبسم الجروح وهي تقبل حتى من قبل من تأثروا بافكار الطغاة اذا ما رسم القابلون للحق للحياة سبيل رشاد لا سبيل فساد.
ويقول تعالى في الآيات الرابعة والثمانين والخامسة والثمانين و السادسة و الثمانين من سورة يونس:
وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ﴿٨٤﴾
فَقَالُوا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٨٥﴾
وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٨٦﴾
كان قوم موسى (ع) يتعرضون الى عذاب فرعون، لكن موسى (ع) كان يحثهم على الثبات ويدعوهم للتوكل على الله تبارك وتعالى فهو وحده المجير في الشدائد والصعاب ولابد للمؤمن ان يعرف جيداً ان التوكل على الله هو من لوازم الأيمان بذات القدس الربوبي وعلى الله فليتوكل المتوكلون. ان الذين آمنوا بموسى (ع) قالوا آمنا بالله وعليه نتوكل واليه ننيب انهم طلبوا من الله ان ينجيهم من شر الكافرين.
وفي هذا النص دروس وعبر منها:
- ان الأنسان المؤمن لا ملجأ له الا الله عند الشدائد والملمات. ان كل الصعاب تزال وكل العقبات في الحياة تذلل من خلال التوكل على الله والتسليم له سبحانه وتعالى
- ان من طرق الخلاص من الأزمات الدعاء والتضرع وهو تعالى يقول ادعوني استجب لكم.
اللهم عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير انت مولانا فنعم المولى ونعم النصير والحمد لله على نعمائه والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله والسلام خير ختام.