بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد ابن عبد الله واله الطاهرين والسلام عليكم ايها الكرام هذا لقاء قرآني جديد من سلسلة لقاءات نهج الحياة واستفياء في ظلال وارفة من سورة يونس المباركة حيث نستمع الى تلاوة الآيتين السابعة والخمسين والثامنة والخمسين من هذه السورة الشريفة.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴿٥٧﴾ قُلْ بِفَضْلِ اللَّـهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴿٥٨﴾
ان روح الأنسان وكجسمه تكون عرضة للأمراض التي لابد من علاجها والقضاء عليها.
ومن هذه الأمراض التكبر والغرور والبخل والحسد والرياء وهذه الأمراض اذا لم تعالج ادت الى الكفر والنفاق وسارت بالأنسان بعيداً عن سواء السبيل وجادة الصواب.
القرآن الكريم بآياته البينات والحكمة الربانية يعمل على وقاية الأنسان من هذه الأمراض.
ومن جانب آخر فأنه يبين للأنسان السيء من الأعمال كي يتجنبها وهذه مقدمة تطهير للروح وتزكية للنفس.
ومن الطبيعي ان الروح الزكية والنفس السليمة هي على استعداد لتلقي الرحمة الآلهية الواسعة.
ومن هنا فأن الله تعالى يأمر نبيه (ص) ان يخبر المؤمنين ان افضل رأسمال لهم هو الأيمان بالله الواحد الاحد وهذه نعمة كبيرة على الأنسان ان يعرف قدرها لا ان يجري وراء جمع المال والثروة الزائلة اذ ما عند الله خير وابقى.
والذي يمكن ان نتعلمه من هذا النص مايلي:
- القرآن الكريم خير شفاء للصدور المريضة.
- علينا ان نبحث عن العلاج لأقسام الروح من القرآن والمدرسة الآلهية لا من المدارس المادية.
ثالثاً القرآن الكريم اسمى من سائر الثروات الدنيوية، والفقير الحقيقي هو الذي حرم من تعاليم القرآن السامية وان جمع كل اموال الدنيا واما الغني الحقيقي هو الذي يعيش مع القرآن وان كان في الظاهر خالي اليد ولهذا يقول تعالى في محكم كتابه ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم
ويقول تعالى في الآيتين التاسعة والخمسين والستين من سورة يونس:
قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّـهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّـهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّـهِ تَفْتَرُونَ ﴿٥٩﴾ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ﴿٦٠﴾
في الآيات السابقة كان الحديث عن رحمة الله تعالى وهدايته التي هي هداية القرآن الكريم. اما هاتان الآيتان فتوضحان لنا ان من يناى عن القرآن ورحمة الله يقع في فخ الخرافات ويكون اسير القوانين الوضعية التي ما انزل الله بها من سلطان وهذا الأمر في حد ذاته يسير بالأنسان الى حيث المشاكل والصحاب في الحياة.
وجاء في بعض من آيات القرآن الكريم ان المشركين كانوا يحرمون على انفسهم بعض الأنعام والغلات ويقدمونها نذوراً للأصنام والمعابد.
لكن هذه الآيات او بالأحرى الآيتين اللتان تليتا على مسامعكم توضحان ان الرزق من عند الله وهو الرزاق ذو القوة المتين، انه الذي يحرم ويحلل وحلاله هو الحلال وحرامه هو الحرام لا غير تبارك ربنا ذو الجلال والأكرام.
وليس للأنسان ان يحرم او يحلل شيئاً واذا ما فعل شيئاً من ذلك فقد ارتكب اثماً عليه يحاسب يوم الحساب على ان نعم الله على خلقه دليل على فضله تعالى ورحمته وهو ذو الفضل العظيم. لكن البعض من الناس لا يقدرون هذه النعم بل انهم يحرمونها لاسباب خرافيه لا تمت الى الحقيقة بشيء.
والذي نتعلمه هنا:
- الله مالك النعم وهو الذي بيده التحليل والتحريم لا الأنسان الذي قد يحرم ويحلل اتباعاً لشهوات نفسه والنفس قد تكون اماره بالسوء الا ما رحم ربي
- ان التشريع والتقنين هو لله وكل ما يخالف شرع الله وقانونه بدعة ليس الا.
ويقول تعالى في الآية الحادية والستين من سورة يونس:
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴿٦١﴾
تشير هذه الآية المباركة الى علم الله تعالى الواسع والشامل، فالباري تعالى محيط بكل شيء ومن ذلك افعال الانسان ما كان وما يكون وما هو كائن الى يوم القيامة. اذ لله تعالى ما في السموات والأرضين لا يخنى عليه شيء ابداً تبارك ربنا وتباركت اسماؤه. وان كل شيء عند الله في علمه الأزلي اللدني وفي اللوح المحفوظ.
والله تعالى على اعمال الأنسان ناظر وملائكته اذ له من الكرام الكاتبين من يسجلون كل شيء.
ونتعلم من هذا النص الشريف:
- ان الله لا يخفى عليه شيء من اعمالنا وافكارنا وسلوكنا فهو جلت قدرته يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
- ان علم الله علم واسع محيط لا يخفى عليه مثقال ذرة لا في الارض ولا في السماء
- ان الله شاهد على كل اعمال الخلق حتى الأنبياء والرسل عليهم السلام
- ان الله تعالى وهو يرى اعمال الانسان يمهل ولا يهمل وهذا من فضله ورحمته. اذ عسى ان يفيء المذنب الى رحمة الله ويتوب عن اعماله السيئة
نسأل الله ان ينور قلوبنا بنور القرآن ويجعل عاقبة امورنا الى خير انه الكريم المنان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.