بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد واله الطاهرين، السلام عليكم ايها الكرام واهلاً بكم في هذا اللقاء القرآني الجديد. حيث نواصل تفسير آيات اخرى من سورة يونس. ونبدأ بتلاوة الآية الخامسة والاربعين من هذه السورة المباركة:
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّـهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴿٤٥﴾
ان الكفار والمشركين ينكرون يوم القيامة والجزاء، لكن المعاد بقسميه الروحي والجسماني واقع لا محالة وان الساعة آيتة لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور
ولعظمة يوم القيامة وهيبته يتصور الناس ان الحياة الدنيا والحياة البرزخية ما هي الاساعة من يوم. الناس في يوم الجزاء يعرف بعضهم بعضاً وكأنهم قد فاقوا من نوم، في هذا اليوم يرى الكفار والمشركين ان اعمالهم حاضره امامهم وانه لا مفر من هذا اليوم بيد انهم جاءوا بالخسران والحسرة.
ونتعلم من هذه الآية الشريفة:
- ان عمر الدنيا قصير جداً واذا لم يستثمره الأنسان في الأيمان والخير فأن له دار البوار
- الخسران في الاخرة سببه ان الانسان يفضل لذائذ الدنيا الزائلة على خير الآخرة الباقية
ويقول تعالى في الآية السادسة والأربعين من سورة يونس:
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّـهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ ﴿٤٦﴾
لقد نزلت هذه الآية المباركة لتطيب خاطر النبي (ص) والمؤمنين وتوضح ان العقاب للكفار اذا لم يتم في الدنيا فهو حاصل في الآخرة لا محالة والى الله ترجع الأمور والعاقبة للمتقين والنار للعاصين والجنة للشاكرين وان الله تعالى على كل شيء شهيد والحقيقة ان العقاب لا يكون باكمله في الآخرة، فقد يلقى العاصون والمعاندون العقاب في الدنيا كذلك ونتعلم من هذه الآية ان على المؤمن ان لا يقلق لأن الكافر لم يلق عقابه في الدنيا فالله تعالى للكافرين بالمرصاد وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.
ويقول تعالى في الآية السابعة والأربعين من سورة يونس:
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿٤٧﴾
لقد بعث الله تعالى من لدنه 124 الف مرسل ونبي البعض من هؤلاء اصحاب كتب سماوية وشرائع والبعض الأخر وظيفهم ابلاغ الشرائع
ويستفاد من آيات القرآن الكريم ان العديد من الأنبياء (ع) قاموا بمهمة تبليغ الشرائع السمادية وان كان على الدوام في كل امة رسول من رسل الله تعالى على ان احم رسالة للأنبياء هي اقامة القسط والعدل بين الناس ومحاربة الظلم والجور.
وفي يوم المعاد تحشر كل امة مع نبيها، حيث يحكم الله في ذلك اليوم بين الناس وهو خير الحاكمين وافضل الحاكمين.
ونتعلم من هذا النص الشريف:
- ان الله لم يترك قوماً وشأنهم بل انه تعالى بعث في كل امة رسولاً
- ان اشاعة القسط والعدل الحقيقي في المجتمع انما يكون في ظل رسالات الأنبياء (ع) وتعاليمهم السامية
ولنصغي الأن الى تلاوة الأيتين الثامنة والاربعين والتاسعة والأربعين من سورة يونس المباركة اذ يقول جل شأنه:
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٤٨﴾ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ ۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۚ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴿٤٩﴾
ان الكفار الذين كانوا ينكرون المعاد كانوا يثيرون الشكوك حول هذه الحقيقة الدينية. انهم كانوا يسألون لو كان يوم القيامة حق لا ريب فيه، فمتى يكون يوم القيامة؟ وليس من الضروري ان يعرف الأنسان زمن وقوع امر حتمي اي ان هذا السؤال الذي يطرحه الكفار لا معنى فيه ان نفس ذائقة الموت وان الأجل لا يعرفه الا الله تعالى. ان الرسول الأكرم (ص) عندما اخبر بالمعاد فأنه اخبر بوحي من الله لامن غده ولم يعله الله تعالى بيوم الساعة حتى يعلمها هو للناس بل امر الساعة وهي آيتة لا ريب فيها لله وحده
ونتعلم من هذا النص:
- الأنبياء (ع) يتكلمون للناس بلغة الوحي وانهم لا يملكون من امرهم شيئاً لاضراً ولا نفعاً.
- ان المجتمع اي مجتمع كان له نهاية وفي هذه النهاية قد يكون الهلاك وقد يكون الفلاح ولا حول ولا قوة الا بالله.