بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على المرسل رحمة للعالمين نبينا محمد واله الغر الميامين
السلام عليكم، حضرات المستمعين ورحمة الله وبركاته. مرة اخرى نحن واياكم في رحاب كلام الله المجيد وتفسير لآيات اخرى من سورة يونس المباركة، حيث تعرضنا حتى الآن لتفسير 18 آية من هذه السورة ولنستمع الآن الى الآية التاسعة عشرة من سورة يونس، حيث يقول تعالى:
وما كان الناس الا امة واحدة فاختلفوا ولو لا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون
لقد خلق الله تعالى الناس جميعاً على فطرة التوحيد الخالص، ومن هنا كان الناس في البدء امة واحدة. لكن بمرور الزمان وتعاقب الأيام تنوعت الأتجاهات واختلفت التيارات وكان ان حل الشيطان بمكره بين الناس فانشطر منهم شطر ليشرك بالله تعالى تادكاً الأيمان والتوحيد.
لقد اراد الله للأنسان ان يتخذ طريقه باختياره وملىء ارادته لا بالجبر والأكراه.
وهو تعالى يمهل الكافرين في الدنيا الا انه تعالى يحاسبهم على ما فعلوا في الآخرة وهذا مرده اعطاء الأنسان حرية الأختيار والا في مقدور الخالق العظيم ان ينهي الخلاف بين الأيمان والشرك في هذه الدنيا.
ونتعلم من هذه الآية المباركة:
- قيمة الأنسان في وجود حرية الأختيار له وان الأيمان الجبري لا وزن له ولا قيمة.
- ان ما تقتضيه المجتمعات البشرية هو الأختلاف في العمل والعقيدة ولعل الى هذا المعنى يومن قول الرسول الأكرم (ص)، اختلاف امتي رحمة
ولنسمع الآن الآية العشرين من سورة يونس الشريفه:
ويقولون لو لا انزل عليه آية من ربه فقل انما الغيب لله فانتظروا اني معكم من المنتظرين
كان نبي الأسلام محمد (ص) صاحب معجزات كثيرة تفوق كماً وكيفاً ما أظهره الله على أيدي سائر الرسل والأنبياء (ع) ولا ريب ان معجزة الأسلام الخالدة هو القرآن الكريم وقد عجز المشركون عن الأتيان حتى بآية واحدة كآيات الذكر الحكيم.
ان اولئك النفر من المشركين ذوي الذرائع والحجج الواحية كانوا من حين لآخر يطلبون من الرسول (ص) معجزة جديدة حتى يؤمنوا وكان الرسول (ص) يرد على الأدعاءات الزائفة لهؤلاء القوم موضعاً ان المعجزة هي من لدن الله تعالى تجري متى تشاء حكمته الشريفة لا في اي وقت يريده اصحاب الحجج الواحية من الذين في قلوبهم مرض. وثمه نقطة لابد من الأشارة اليها هنا وهي ان طلبات المشركين كانت غير منطقية وغير معقولة. ومن بين هذه الطلبات التي لا تلانم العقل الطلب من الرسول (ص) ان يأتي لهم بقرآن آخر او ان يحلق في السماء او ان يكون له قصر من ذهب.
ونتعلم من هذا النص مايلي:
- ان جذور الكفر والشرك ليست في انعدام المعجزة بل في اللجاج والعناد.
- المعجزة انما تتم باذن الله وحكمته لا على اساس رغبات الناس واميالهم النفسية
ونصغي الآن ايها الكرام الى الآية الحادية والعشرين من سورة يونس:
واذا اذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم اذا لهم مكر في آياتنا قل الله اسرع مكراً ان رسلنا يكتبون ما تمكرون
جاء في التاريخ ان قحطاً وجفافاً مر على مكة وسكانها ذات سنة. بيد ان رحمة الله تعالى نزلت بالغيث على هذه المدينة المقدسة. المشركون قالوا في ذلك الحين ان هطول المطر كان من اجل الأصنام فنزل قوله تعالى الذي تلي على مسامعكم مبيناً ان المطر هو في حد ذاته معجزة الهية عند من ينشد الحقيقة ويطلبها.
ولابد ان يعرف الناس من دروس القرآن الكريم ان الله تعالى يرسل ملائكته ليسجلوا اعمال الناس خيراً كانت ام شر كي لا يضيع حق احد. وهنا يكون على المشركين الجواب عن ما فعلوا في الدنيا يوم الحساب.
على ان الله تعالى وفي هذه الدنيا يحيط عمل المشركين، وانى لارادتهم ان تغلب ارادة السماء وارادة الله الذي هو تعالى فعال لما يريد.
ونتعلم من هاذه الآية:
- الناس يستفيدون من نعم الله تعالى لكن البعض لا يشكر نعم الله بل يشرك به
- ان العقاب الالهي يتناسب مع الأثم او المعصية التي يرتكبها الشخص. ولا يحيط المكر السن الا باهله.
ولنستمع الى تلاوة الآيتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين من سورة يونس حيث يقول عزوجل:
هو الذي يسيركم في البر والبحر حتي اذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا انهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن انجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فلما انجيهم اذاهم يبغون في الارض بغير الحق يا ايها الناس انما بغيكم علي انفسكم متاع الحيوة الدنيا ثم الينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون
تقدم ان الله تعالى خلق الناس جميعاً على الفطرة السليمة. لكن في هذا النص اشارة الى ان الأنبهار بحطام الدنيا وزبرجها يقيد فاعلية هذه الفطرة السليمة.
وعندما تنزل على الأنسان النوائب فأن فطرته المغطاة بفطاء الغفلة تصحو ويثيب الأنسان الى رشده ويتذكر الله من جديد. ويدعوه بنية خالصة طالباً منه النجاة من المهالك.
والانسان اذا ما انجاه الله من الهلاك قد يعود مرة اخرى الى الغرق في حب هذه الدنيا والزائلة وينسى ربه من جديد ويغط في نوم الغفلة عن الحق ان الانسان ينسى ان الله يحاسب على كل عمل وانه لا مفر من يوم لا عمل فيه الا الحساب والجزاء.
ونتعلم من هذه الأية:
- ان الحوادث الطبيعية تنعش في الأنسان فطرته وتوقظه من نوم غفلته.
- لا فائدة من الأيمان المؤقت انما العبرة في الأيمان الدائم فلا ينبغي للأنسان ان يكون مؤمن عند الرضا كافر عند الغضب، اعاذنا الله واياكم من ذلك.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا انتهت هذه الحلقة من نهج الحياة.
نسأل الله تعالى ان يوفقنا لمراضيه ويجعل مستقبل امرنا خيراً من ماضيه انه اكرم مسؤول ومجيب والحمد لله رب العالمين.