بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. واهلاً بكم الى حلقة اخرى من برنامج نهج الحياة، نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 36 من سورة التوبة. فلننصت اليها خاشعين:
إن عدة الشهور ...... مع المتقين
بعد ان تناولت الآيات السابقة وجوب جهاد المشركين تنص هذه الآية على ان من بين 12 شهراً، توجد اربعة اشهر حرم يحرم فيها البدء بحرب وهي ذي القعدة وذي الحجة ومحرم ورجب إلاّ اذا لم يراع فيها العدو حرمة هذه الاشهر، ففي هذه الحالة يجب على المسلمين الدفاع ومقاتلة عدوهم. وقد طرح الله سبحانه وتعالى في هذه الآية امراً تكوينياً وهو انه عزوجل قد اقرّ مذ خلق السموات والارض عدد شهور السنة وهي اثنا عشر شهراً، واحدى فلسفات هذا الامر التكوين هو ايجاد تقويم زمني طبيعي طوال تاريخ البشر لا يقبل التغيير كما جاء في الآية 189 من سورة البقرة.
من هذه الآية نستنتج:
- الاسلام لا يثير الحروب وحتى انه لاجل اخماد جذوة الحروب وتعميم السلام جعل في كل سنة اربعة شهور تتوقف فيها الحروب.
- لا تسمحوا لاعدائكم باستغلال القوانين الالهية، فان كانت الحروب محرمة عليكم، ولكن ان هجم عليكم الاعداء بامكانكم الدفاع عن حياض اوطانكم.
والآن ايها الاكارم لننصت واياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآية 37 من سورة التوبة:
إنما النسيء............... القوم الكافرين
تذكر لنا هذه الآية كيف ان مشركي مكة كانوا يعلمون بحرمة خوض الحروب في هذه الاشهر الاربعة كما جاء في شريعة النبي ابراهيم (ع) وكانوا يعملون بها، ولكن مصالحهم كانت تقتضي احياناً ان يتركوا الحرب في اشهر غير حرم فيحاربوا في اشهر حرم بدلاً منها وكانوا يقولون: المهم اننا نترك الحرب اربعة اشهر كل عام فلا فرق في ذلك ان كانت حرماً او غير حرم.
فردّ القرآن الكريم عليهم بان الاحكام الالهية ثابتة ولا سبيل الى الاستهزاء بها لانه هو الكفر بعينه ومن يفعل هذا لا يهديه الله.
من هذه الآية نستنتج:
- ان احد العوامل التي تؤدي الى ضلال الناس، تفسير الاحكام الالهية حسب اهوائهم ومصالحهم تفسيراً غير صحيح يهدف الى تغييرها وتبديلها.
- عندما يعلم الانسان بخطئه يسارع الى التوبة، اذن فالخطر يكمن في رؤية الانسان لافعاله السيئة انها حسنة ففي هذه الحالة لن يهتدي ابدا.
والآن ايها الاخوة لننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآيتين 38 و39 من سورة التوبة:
يا ايها اللذين............ شيء قدير
في العام التاسع للهجرة تناهى الى مسامع المسلمين خبر استعداد الروم لشن حرب على المسلمين. فحشد الرسول (ص) المسلمين لحربهم، ولكن طول الطريق الى تبوك من جهة وحرارة فصل الصيف من جهة اخرى بالاضافة الى قرب موسم حصاد محاصيلهم، جعل بعض المسلمين يتأثرون بكلام المنافقين ويتذرعون بشتى الذرائع للتهرب من الحرب. فجاءت هذه الآيات توبّخهم مذكرة اياهم بالآخرة ويعدم التعلق بالدنيا والجلوس في البيت وتقديم الحجج والذرائع فخاطبتهم بما مضمونه: هل نسيتم الآخرة، فان نعيم الدنيا ما هو إلاّ نزر يسير ازاء نعيم الآخرة. وانكم ان لم تبرزوا لحرب الكافرين فلن ينكفيء دين الله وان الله سيرسل آخرين عوضاً عنكم، وان الله قادر على حفظ دينه ونبيه دون حاجة اليكم.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- ان عقاب ترك الجهاد هو الذل والهوان في الدنيا والعذاب الاليم في الآخرة. فلا تحسبوا انكم ستعيشوا برفاه ودعه اذا تركتم الجهاد.
- ان طاعة اوامر الله او معصيته لا تنفع الله او تضره بشيء. لذا فلا تمنوا على الله ولا تحسبوه بحاجة اليكم.
الى هنا اعزائي المستمعين نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة. حتى نلتقيكم في الحلقة المقبلة نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم.