البث المباشر

تفسير موجز للآيات 15 الى 21 من سورة الانفال

الإثنين 10 فبراير 2020 - 09:11 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 276

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، وصل وسلم على حبيبك وخيرة خلقك النبيّ المصطفى محمد وعلى آله الطاهرين.

إخوة الإيمان في كلّ مكان السلام عليكم وأهلاً بكم في رحاب القرآن الكريم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحيوة لنتابع وإياكم تفسير سورة الأنفال.

من أجل ذلك نصغي خاشعين أولا لهذه التلاوة العطرة للآيتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة من هذه السورة المباركة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

*يا أيها الذين امنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً....

 

في غزوة بدر الكبرى في العام الهجري الثاني، بعدما أمد الله المسلمين بالملائكة ووعدهم النصر والظفر بالكفار نهاهم عن الفرار، فقال "يا أيها الذين أمنوا" قيل: انه خطاب لأهل بدر وقيل هو عام "إذا لقيتم الكفار زحفاً" أي: متدانين لقتالكم، أو بمعنى آخر: إذا وافقتموهم للقتال "فلا تولوهم الأدبار" يعني: فلا تجعلوا ظهوركم مما يليهم، أي: فلا تنهزموا "ومن يولهم يومئذ دبره" أي: ومن يجعل ظهره إليهم يوم القتال ووجهه إلى جهة الإنهزام وأراد بقوله يومئذ ذلك الوقت ولم يردبه بياض النهار خاصة دون اللبل "إلا متحرفاً للقتال" أي: إلا تاركاً موقفاً إلا موقف آخر أصلح للقتال من الأول، وقيل: إلا منعطفاً مستطرداً كأنه يطلب عورة يمكنه إصابته فينحرف عن وجهه ويرى أنه لم يفره ثمّ يكرّ والحرب كرّ وفرّ "أو متحيزاً إلى فئة" أي: منحازاً منضماً إلى جماعة من المسلمين يريدون العود إلى القتال ليستعين بهم "فقد باء بغضب من الله" أي: إحتمل غضب الله واستحقه، وقيل: رجع بغضب من الله "ومأواه جهنم" أي: مرجعه إلى جهنم "ويئس المصير" ... إن هذا الوعيد كما يرى معظم المفسرين خاص بيوم بدر خاصة أنه لم يكن لهم يومئذ أن ينحاز والعدم وجود فئة للمسلمين في الأرض، لكن بعد ذلك فإن المسلمين بعضهم فئة لبعض.

أفهمتنا الآيتان:

  • الفرار من الجبهة والجهاد- إثم كبير- يوجب سخط الله وغضبه سبحانه وتعالى.
  • في جبهة الحرب –يجوز الإنسحاب التكتيكي وتضليل العدو.
  • الفرار من الحرب – ذل في الدنيا وعذاب في الآخرة- وساءت عاقبة الفارين.

والآن مع الآيتين السابعة عشرة والثامنة عشرة من سورة الأنفال المباركة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم...

 

ثمّ نفى سبحانه أن يكون المسلمون قتلوا المشركين يوم بدر فقال "فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم" وإنما نفى الفعل عمن هو فعله على الحقيقة ونسبه إلى نفسه وليس بفعل له من حيث كانت أفعاله تعالى كالسبب لهذا الفعل والمؤدي إليه من إقداره إياهم ومعونته لهم وتشجيع قلوبهم وإلقاء الرعب في قلوب أعدائهم والمشركين حتى قتلوا "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" خطاب للنبي. ذكر جماعة من المفسرين: أن جبرائيل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وآله يوم بدر خذ قبضة من تراب فارمهم بها: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لما التقى الجمعان لابن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام إعطني قبضة من حصا الوادي. فناوله كفا من حصا عليه تراب فرمى به في وجوه القوم. فشاهت الوجوه ولم يبق مشرك إلا دخل في عينه وفمه ومنخريه منها شيء ثم ردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم وكانت تلك الرمية سبب هزيمة القوم. "وليبلي المؤممنين منه بلاءً حسناً" أي: ولينعم عليهم به نعمة حسنة، أي: فعل ذلك إنعاماً على المؤمنين والضمير في منه راجع إلى النصر، أي: من ذلك النصر وقد يكون راجعاً إلى الله تعالى "إن الله سميع" لدعائكم "عليهم" بأفعالكم وضمائركم.

قيل في وجه إتصال هذه الآية بما قبلها وجهان (أحدهما) انه سبحانه لما أمرهم بالقتال في الآية المتقدمة ذكر بعد ذلك ان ما كان من الفتح يوم بدر وقهر المشركين انما كان بنصرته ومعونته تذكير للنعمة.

وقيل أيضاً، انهم لما أمروا بالقتال ثم كان بعضهم يقول أنا قتلت فلاناً وأنا فعلت كذا نزلت الآية على وجه التنبيه لهم لئلا يعجبوا بأعمالهم.

"ذلكم" إشارة إلى بلاء المؤمنين خاطبهم سبحانه بعد أن أخبر عنهم. ومعناه الأمر ذلكم الإنعام أو ذلكم الذي ذكرت "وإن الله موهن كيد الكافرين" بإلقاء الرعب في قلوبهم وتفريق كلمتهم.

ما تعلمناه من الآيتين الكريمتين:

  • الحرب والجهاد- وسيلة إبتلاء يعرف بها المؤمن حقاً ويميز عن ضعفاء الإيمان.
  • ما يصدر عن الإنسان ويقوم به- فمن نفسه لأنه فاعل ذلك مطوعاً وبملء إرادته- ومن الله لأن ما يقوم به الإنسان ويفعله يفتقر إلى إستقلالية الإنسان عن ارادة الله ومشيئته جل وعلا قوله تعالى: وما تشاؤون إلا أن يشاء الله
  • ان الله مع عباده المؤمنين المخلصين ويدحض كيد الأعداء وموهن كيد الكافرين.

والآن نصغي للآية التاسعة عشرة من سورة الأنفال:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم و...

 

"إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح" قيل: إنه خطاب المشركين فإن أبا جهل قال يوم بدرجين إلتقت الفئتان: اللهم إقطعنا للرحم وأتانا بما لا نعرف فانصر عليه. ونقل عنه أيضاً انه قال: اللهم ربنا ديننا القديم ودين محمد الحديث، فأي الدينيين كان أحبّ إليك وأرضى عندك فانصر أهله اليوم. وعلى هذا فيكون معناه أن تستنصروا لأهدى الفئتين فقد جاءكم النصر، أي: نصر محمد وأصحابه. وقيل إنه خطاب المؤمنين ومعناه أن تستنصروا على أعدائكم وتستقضوا فقد جاءكم القضاء والحكم من الله "وإن تنتهوا" أي: تمتنعوا من الكفر وقتال الرسول والمؤمنين "فهو خيرٌ لكم وإن تعود وانعد" معناه وإن تعودوا أيها المشركون إلى قتال المسلمين نعد بأن ننصرهم عليكم ونأمرهم بقتالكم "ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً" أي: ولن تدفع عنكم جماعتكم شيئاً "ولو كثرت وأن مع المؤرمتين" بالنصر والحفظ يمكنهم منكم ونصرهم عليكم. وقيل معناه وإن تنتهوا أيها المسلمون عما كان منكم في الغنائم وفي الأسارى من مخالفة الرسول فهو خير لكم وإن تعودوا إلى ذلك الصنيع نعد إلى الإنكار عليكم وترك نصرتكم ولن يغني عنكم حينئذ جمعكم شيءاً إذ منعاكم النصر، ثم أمر سبحانه بالطاعة التي هي سبب النصرة.

علمتنا الآية:

  • خير الإنسان ومصلحته في تجنب مخالفة أمر الله ورسوله.
  • المفروض في نصرة الله –الإيمان والثبات- إذ لا تغني كثرة الناس وجمعهم عنهم شيئاً- ولا جدوى في ذلك امام غضب الله وسخطه جل وعلا.

نستمع وأياكم أعزاءنا المستمعين الآن للآيتين العشرين والحادية والعشرين الكريمتين من سورة الأنفال المباركة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

يأيها الذين امنوا أطيعوا الله ورسوله ولا قولوا عنه وأنتم تسمعون *ولا تكونوا كالذين....

 

"يأيها الذين امنوا أطيعوا الله ورسوله" خص سبحانه المؤمنين بطاعة الله ورسوله وإن كانت واجبة على غيرهم أيضاً لأنه لم يعتد بغيرهم لإعراضهم عما وجب عليهم، ويجوز أن يكون إنما خصهم إجلالاً لقدرهم ويدخل غيرهم فيه على طريق التبع "ولا تولوا عنه" أي: ولا تعرضوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله "وأنتم تسمعون" دعاءه لكم وأمره ونهيه إياكم. "ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون" في الكلام حذف ومعناه ولا تكونوا كهم في قولهم هذا المنكر فحذف المنهي عنه لدلالة الحال عليه وفي ذلك غاية البلاغة ومعنى قولهم سمعنا وهم لا يسمعون أنهم سمعوه سماع عالم قابل له وليسوا كذلك والسماع بمعنى القبول، وهؤلاء الكفارهم المنافقون. وقيل هم اهل الكتاب من اليهود وقريظة والنظير. وقيل انهم مشركو العرب لأنهم قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا.

علمتنا الآيتان:

  • المؤمن –معرض أبداً للتخلف عن أوامر الله ونواهيه سبحانه، لذا انه بحاجة إلى التحذير.
  • لسماع الحق والعلم به- مسئولية لا يمكن تجاهلها.
  • ليس الإيمان بالدعاء فحسب- وانما بالعمل الصالح وإطاعة الله ورسوله.

 

إخوة الايمان انهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحيوة والى حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة