البث المباشر

تفسير موجز للآيات 5 الى 9 من سورة الانفال

الإثنين 10 فبراير 2020 - 08:47 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 274

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، وصل وسلم على حبيبك وخيرة خلقك النبيّ المصطفى محمد وعلى آله الطاهرين.

إخوة الإيمان في كلّ مكان السلام عليكم وأهلاً بكم في رحاب القرآن الكريم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحيوة لمتابعة تفسير سورة الأنفال.

فبادىء ذي بدء نصغي وإياكم لهذه التلاوة العطرة للآيتين الخامسة والسادسة من هذه السورة المباركة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

كما أخرجك ربك من بيتك بالحق................

 

الآيتان تشيران لأولى معارك المسلمين، أي: غزوة بدر الكبرى في رمضان سنة إثنين من الهجرة،

وهي كما قال أصحاب السير:

أقبل أبو سفيان بعير قريش من الشام وفيها أموالهم، فندب النبي صلى الله عليه وآله أصحابه للخروج إليها ليأخذوها. فأشرع من أشرع، وأبطأ بشر كثير، فخرجوا لا يريدون إلا أباسفيان والركب لا يرونها إلاغنيمة لهم. فلما سمع أبوسفيان بمسير النبي صلى الله عليه وآله إستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشاً فيستنفرهم ويخبرهم أن محمداً صلى الله عليه وآله قد تعرض لعيرهم في أصحابه. فخرج ضمضم سريعاً إلى مكة.

ففي الآية "كما أخرجك ربك من بيتك" يا محمد على التقدير الأول قل الأنفال لله ينزعها عنكم مع كراهتكم ومشقة ذلك عليكم لأنه أصلح لكم كما أخرجك ربك من بيتك مع كراهة فريق من المؤمنين ذلك لأن الخروج كان أصلح لكم من كونكم في بيتكم.

والمراد بالبيت هنا المدينة، يعني: خروج النبي صلى الله عليه وآله منها إلى بدر. ويكون معنى أخرجك ربك دعاك إلى الخروج وأمرك به وحملك عليه. وأما على التقدير الثاني وهو أن يكون إتصاله بما بعده. فيكون معناه يجاد لونك في الحق كارهين له كما جادلوك يا محمد حين أخرجك ربك كارهين للخروج كرهوه كراهية طباع. فقال بعضهم كيف نخرج ونحن قليل والعدو كثير. وقال بعضهم كيف نخرج على عمياء لا ندري إلى العير نخرج أم إلى القتال.. هلا أخبرتنا بالقتال فكنا نستعد لذلك.

وأما على التقدير الثالث فمعناه أن هذا خير لكم كما أن إخراجك من بيتك على كراهية جماعة منكم خير لكم. وقوله "بالحق" أي: بالوحي وذلك أن جبرائيل عليه السلام أتاه وأمره بالخروج. وقيل معناه أخرجك ومعك الحق. وقيل أخرجك بالحق الذي وجب عليك وهو الجهاد. "وإن فريقاً من المؤمنين" أي: طائفة منهم "لكارهون" لذلك للمشقة التي لحقتهم.

وفي الآية "يجادلونك في الحق بعدما تبين" أي: فيما دعوتهم إليه بعدما عرفوا صحته وصدقك بما ظهر عليك من المعجزات.

وقيل بعدما تبين أنك يا محمد لا تصنع إلا ما أمرك الله به.

"كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون" معناه كأن هؤلاء الذين يجادلونك في لقاء العدو لشده القتال عليهم لعدم إستعدادهم للقتال وكراهتهم له من حيث الطبع كانوا بمنزلة من يساق الى الموت وهم يرونه عياناً وينظرون إليه وإلى أسبابه.

أفهمتنا الآيتان:

  • أن الجهاد واجب إيماني رغم كره المرء القتال.
  • الجبناء من المؤمنين ليس فقط لا يذهبون إلى الجهاد ومحاربة الكفار والمشركين- بل يجادلون الرسول في ذلك أيضاً
  • والآن نصغي وإياكم اعزاءنا المستمعين للآيتين السابعة والثامنة من سورة الأنفال المباركة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم...

 

"وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين انها لكم" يعني: واذكروا الله واشكروه إذ يعدكم إن إحدى الطائفتين لكم أما العير وأما النفير "وتودّون أنّ غير ذات الشوكة تكون لكم" أي: تودون أن يكون لكم العير وصاحبها أبوسفيان بن حرب لئلا تلحقكم مشقة دون النفير وهو الجيش من قريش. قيل: كان المسلمون يريدون العيو ورسول الله يريد ذات الشوكة وهي الحرب. وقيل: ذات الشوكة ذات السلاح. "ويريد الله أن يحق الحق بكلماته" أي: والله أعلم بالصالح منكم فأراد أن يظهر الحق بلطفه ويعز الإسلام ويظفركم على وجوه قريش ويهلكهم على أيديكم بكلماته السابقة وعداته في قوله: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين أنهم لهم المنصورون وأن جندنا لهم الغالبون، وقوله: ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون، وقيل بكلماته، أي: بأمره لكم بالقتال. "ويقطع دابر الكافرين" أي: يستأصلهم فلا يبقي منهم أحداً. "ليحق الحق" أي: انما يفعل ذلك ليظهر الإسلام "ويبطل الباطل" أي: الكفر بإهلاك أهله "ولو كره المجرمون" أي: الكافرون.

علمتنا الآيتان:

  • النصر- لا يتحقق بالعدة والعده فحسب، بل بعوامل إنسانية اخرى من معنويات وعوامل غيبية كإمدادات السماء أي الإمدادات الالهية فلها هي الأخرى دورها الكبير في تحقيق النصر.
  • بغية الجهاد في الثقافة الإسلامية- إحقاق الحق وإبطال الباطل- لا فتح البلاد والامصار وجمع الغنائم.
  • ان لا يكون همنا إسترضاء العدو- فما يتطلبه إحقاق الحق- إغاظة الكفار والمجرمين.

والآن، نبقى مع هذه الآية وهي التاسعة من سورة الأنفال:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملئكة مردفين.

 

ثم ذكر سبحانه ما أتى المسلمين من النصر فقال "إتستغيثون ربكم" أي: تستجيرون بربكم يوم بدر من أعدائكم وتسألونه النصر عليهم لقلتكم وكثرتهم فلم يكن لكم مفزع إلا التضرع إليه والدعاء له في كشف الضر عنكم. والإستغاثة: طلب المعونة والغوث، وقيل: معناه تستنصرونه. والفرق بين المستنصر والمستجير ان المستنصر طالب الظفر، والمستجير طالب الخلاص. "فأستجاب لكم: والإستجابة هي العطية على موافقة المسألة. فمعناه: فأغاثكم وأجاب دعاءكم "إني ممدّكم" أي: مرسل إليكم مدداً لكم "بألف من الملائكة مردفين" أي: متبعين ألفاً آخر من الملائكة لأن كما قيل مع كل واحد منهم ردفاً له، وقيل: معناه مترادفين متتابعين وكانوا ألفاً بعضهم في أثر بعض، وقيل: معناه بألف من الملائكة جاءوا على أثر المسلمين.

تفهمنا الآية:

  • أن الله قد يعطي ويرزق من يشاء –بدون دعاء او طلب الرزق- بيدان في الدعاء- التمهيد لهذا العطاء السماوي وتنمية طالبه وتربيته.
  • للملائكة دورها في حياة الإنسان- وان الايمان- انما هو عامل جذب الملائكة نحوه، أي: نحو الإنسان.
  • المدد الإلهي –ينزل بسعي الإنسان وتحركه واستغاثة.

 

اخوتنا الافاضل  انتهت هذه الحلقة من نهج الحياة على أمل اللقاء بكم في حلقة جديدة نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة