بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. واهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 147 من سورة الاعراف، فلننصت اليها خاشعين:
والذين كذبوا ...... ما كانوا يعملون
جاء في التعاليم الاسلامية ان قيمة كل عمل تكمن في الدافع اليه ونيته، فكم من عمل صالح كان الدافع اليه غير إنساني أو فاسد، فهذا العمل ليس تافهاً ولا قيمة له فقط، بل يعاقب عليه فاعله ايضاً.
كالعمل الصالح يفعله شخص بهدف الرياء، وبعض الاعمال تكون ضارة خطرة الى درجة بحيث تبطل بقية الاعمال الصالحة لذلك الشخص، كالسم الذي يشربه انسان ما لعدم قدرته على تحمل المشاكل فيذهب عمره كله هباءاً. وهذا ما تشير اليه هذه الآية وهو ان الذي يكذب بآيات الله ويكفر بيوم القيامة، فهو في الحقيقة قد انجز كل الاعمال بدوافع دنيوية بحتة، فيداه خاليتان يوم القيامة من الحسنات.
من هذه الآية نتعلم:
- ان انكار حقيقة عظيمة كيوم القيامة تحصر آثار الاعمال الصالحة وانعكاساتها على الدنيا فقط.
- ثواب وعقاب يوم القيامة انما يكون استناداً الى حقيقة العمل وليس ظاهره العمل الذي يبلغ يوم القيامة وتنطبق عليه موازين الجزاء والعقاب.
والآن ايها الاخوة لننصت خاشعين لتلاوة الآية 148 من سورة الاعراف:
واتخذ قوم........... وكانوا ظالمين
اشرنا في حلقات سابقة الى ان الله امر نبيه موسى (عليه السلام) بالذهاب الى جبل الطور ليتلقى التوراة لمدة شهر، ثم ازدادت المرة عشرة ايام.
اثناء غيبة موسى (ع) عن بني اسرائيل انتشرت شائعة موته في جبل الطور. ولأن بني اسرائيل كانوا قد رأوا اقواماً في مصر يعبدون اصناماً على شكل بقرة ورأوا بعد عبورهم النيل قوماً يعبدون الاصنام.
فقد طلبوا من موسى ان يتخذ لهم صنماً يعبدونه، استغل السامري فرصة شائعة موت موسى (ع) ورغبة بني اسرائيل في عبادة الاصنام، فجمع حلي القوم الذهبية وصنع لهم تمثالاً ذهبياً لعجل ودعا القوم لعبادته، وفعل السامري ما من شأنه ان يصدر من هذا التمثال صوت عجل، وهذا شجع القوم على تقبله، وقد نفى القرآن هذا الامر فسألهم إن كان التمثال جميلاً، وإن أصدر صوتاً، فهل يعني هذا ان هذا الحيوان قادر على ارشاد وهداية القوم. ام انه فقط يصدر صوتاً دون شعور منه؟ أليس ترك كلام وتعليمات موسى والالتفات الى صوت حيوان بهيم ظلم بحق انفسهم؟
من هذه الآية نستنتج:
- ان غيبة قادة المجتمع يمهد السبل لإشاعة الافكار المضلة.
- ان الضالين يستخدمون أساليب الفن والحلي لإضلال الناس، فلا يخدعنا الظاهر الجيل والشعارات الرنانة للمضلين.
والآن ايها الاكارم لننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآية 149 من سورة الاعراف:
ولما سقط ............ من الخاسرين
لدى عودة موسى (عليه السلام) من جبل الطور وارشاد وهداية قومه بني اسرائيل ندموا على ما فعلوا وتابوا الى الله طالبين منه العفو والمغفرة.
بالاضافة الى ارشادهم كلاماً قام موسى بتقطيع العجل الذهبي ارباً ارباً وحرقه بالنار لكي يوضح لقومه ان وثن فقط وانه ليس الاهاً فهو لم يستطع الدفاع عن نفسه، ثم رمى رماده في البحر كي لا يبقى منه اثر، وهذا ما قضى على كل قيمة واعتبار لهذا الجمل في قلوب الناس وشاهدوا بام اعينهم ضلالهم وهذا دفعهم الى محاولة جبران الماضي. فالقضاء على مظاهر الكفر والشرك وعبادة الاوثان والاصنام هو واجب الانبياء، كما عفى بني الاسلام (ص) عن المشركين في فتح مكة ولكنه حطم الاوثان والاصنام وقضى عليها.
من هذه الآية نتعلم:
- لا يكفي الارشاد والموعظة لهداية الضالين، بل يجب القضاء على مسببات الضلال والانحراف في المجتمع.
- إن الخسران الحقيقي هو في الابتعاد عن الرحمة والمغفرة الالهيين.
اعزائي المستمعين الى هنا نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة. على امل اللقاء بكم في حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.