بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. واهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 141 من سورة الاعراف، فلننصت اليها خاشعين:

وإذا أنجيناكم ...... عظيم

بينت الآيات السابقة كيف ان بني اسرائيل بعد ان اجتازوا النيل ونجوا من سلطة الفراعنة، ما إن رأوا قوماً يعبدون الاوثان والاصنام حتى طلبوا من موسى (ع) ان يتخذ لهم معبوداً مرئياً كما لهؤلاء القوم.

فعنفهم موسى (ع) كما تروي هذه الآية بما معناه: أن هل نسيتم ربي وربكم بهذه السرعة وأخذتم تبحثون عن صنم تعبدونه؟

هل نسيتم كيف انجاكم ربي وربكم من الفراعنة وكيف اعزكم بعد الذل والهوان؟ هل نسيتم ماذا فعل فرعون برجالكم ونسائكم؟ كان يقتل رجالكم وشبابكم بشتى الذرائع كي لا يثور احد ضده ويستخدم النساء ويستعبدهن. ومع ان جميع هذه البلايا جاءتكم من قبل فرعون ولكن الله ايضاً يمتحنكم بهذا ليعرف من يصبر ويثبت على ايمانه ولا يغير عقيدته.

من هذه الآية نتعلم:

• ان الغفلة عن النعم الالهية تسبب انحراف المجتمع، ولهذا يذكر الانبياء اقوامهم دائماً بالنعم الالهية كي يبعدونهم عن الكفر والشرك.
• الحوادث المرة والكوارث هي امتحانات الهية، كما ان اليسر والرفاه امتحان الهي.

والآن ايها الاخوة لننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآية 142 من سورة الاعراف:

وواعدنا موسى........ سبيل المفسدين

اول خطوة اقدم موسى (ع) عليها هو تحرير بني اسرائيل من الفراعنة بامر الله، وقد نجح في اداء هذه المهمة رغم الصعوبات والمخاطر التي تعرض لها، ولكن من الطبيعي انه يجب ان تكون هناك قوانين وتعليمات مكتوبة ومحددة لتنظيم الشؤون الفردية والعائلية والاجتماعية، لذا امر الله عزوجل موسى ان يفارق قومه لينزل عليه التوراة في طور سيناء على مدى اربعين يوماً، وقد جعل هارون خليفته في قومه في هذه المدة.

وقد عبر القرآن عن هذه الحدة (باربعين ليلة) ربما لأن الليل هو أفضل وقت لمناجاة الله ونزول النعم الالهية. وقد جاء في سفر الخروج في التوراة ذكر بقاء موسى (ع) في جبل الطور لمدة 40 يوم وليلة.

كيف يمكننا ان نؤمن ان موسى (ع) قد اختار خليفة له عندما اراد ان يفارق قومه 40 يوماً، ولكن رسول الله لم يعين خليفة له بل ولم يخطر ذلك على باله ان يعين خليفة بعد رحيله فأوكل امر الناس اليهم؟

بل ان الذي اتفقت عليه كتب الرواية هو ان النبي عندما ذهب لغزوة تبوك- وهي منطقة بعيدة عن المدينة خلف عليها علياً وقال له: يا علي انت مني بمنزلة هارون من موسى. كي يتولى امور المدينة في زمن غيبته هو (ص) عنها ويكون خليفة عليها.

واوصى موسى (ع) اخاه هارون عندما اراد الذهاب الى جبل الطور ان يحذر من المفسدين كي لا يتولوا الحكم على القوم، واوصاه ان لا يتبع سبيل المفسدين، ومع كل هذه الوصايا والتعليمات يخبرنا التاريخ ان القوم تفرقوا عن هارون بعد ذهاب موسى لميقات ربه والتفوا حول رجل يدعى السامري وهو صانع تماثيل استغل غيبة موسى (ع) وصنع لهم عجلاً من الذهب فأنجذب القوم اليه.

من هذه الآية نستنتج:

• ان انجاز المسؤوليات الجسيمة – يجب ان تدعم بالعبادات والادعية والمناجاة الليلية، والتواجد في المجتمع يجب ان لا يكون مانعاً للخلوات المعنوية الفردية.
• لا يمكن ترك المجتمع دون قائداً الهياً، فان ذهب موسى الى جبل الطور فقد خلفه هارون.
• ان مهمة الانبياء والاولياء الاصلاح المجتمع والنأي به عن الفساد.

اعزائي المستمعين وبهذا نأتي واياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة حتى نلتقيكم في حلقة مقبلة نستودعكم الله والسلام عليكم.