بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة نبدءها بتلاوة عطرة للآية 115 من سورة الانعام فلننصت اليها خاشعين:
وتمّت كلمة ربك... وهو السميع العليم
في تفسير الآيات التي سبقتها قلنا ان بعض علماء اليهود والنصارى كانوا في المدينة المنورة عند نزول القرآن، وكانوا يعلمون انه كتاب سماوي ولكنهم لم يؤمنوا به . هذه الآية تخاطب النبي (ص) بما مضمونه أن لا تبتئس من اقوال الذين لا يشهدون بنبوتك، لان الله يشهد بانه نزّل عليك أحسن الكلام على اساس الحق والصدق، كلام يتضمن أشمل دستور الهي لاقامة العدل والقسط في المجتمع، ولن يصيبه تغيير وتحريف بل سيبقى خالداً على العكس من الكتب السابقة التي تم تحريفها بيد اتباعها. من هذه الآية نتعلم:
- 1- القرآن اكمل واشمل كتاب أنزله الله الى البشر ولذلك كان الاسلام آخر الاديان السماوية.
- القوانين الالهية ترتكز على أسس الصدق والعدل والحق واتباع الحق والبحث عن الحقيقة.
والآن ايها الاخوة، لننصت خاشعين الى تلاوة الآية 116 من سورة الانعام:
وإن تطع ... إلاّ يخرصون
هذه الآية تكمل ما بدءته الآية السابقة من مخاطبة النبي (ص) فتقول ما معناه: الآن وقد نزل عليك الكلام الحق من قبل الله تعالى فلا تتبع آراء الآخرين حتى اذا كانوا كثيرين، فان الاكثرية لا تدل على صحة عقيدتهم، وخاصة في مجتمع لا يعمل اكثر الناس كما يتطلب العقل والمنطق، بل على اساس الآداب والسنن والعادات والخرافات والاوهام.
ان صحة وبطلان عقيدة ما ليست لها علاقة بتقبل الناس لها او عدم تقبلهم، فالسجاير ضارة حتى اذا دخنها جميع الناس، والصدق حسن حتى اذا انصرف عنه جميع الناس واصبحوا كذابين.
من هذه الآية نتعلم:
- الايمان الحقيقي يتجسد في اتباع الحق والقرآن، وليس في اتباع غالبية الناس.
- الاكثرية- في الامور الفكرية والعقيدية – لا تدل على صحة العقيدة، في الامور الاجتماعية فقط يتم الرجوع الى رأي الاكثرية كطريقة حلّ وليس كطريق حق.
- علينا أن نؤمن بالمنطق ونعمل بمقتضاه على اساس الحق، ولا نتبع الظن والاهواء.
والآن ايها الاكارم دعونا ننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآية 117 من سورة الانعام:
إن ربك.... بالمهتدين
الآن وقد اتضح ان الاكثرية لا يمكن ان تعتبر اساساً لمعرفة الحق من الباطل، اذن يجب ان نعرف طريق الحق من الله ونتبعه حتى اذا قلّ اتباعه. إن معرفة الحق من الباطل تستوجب علماً جماً ومعلومات وخيرة للآثار ونتائج الامور في الوقت الحاضر والمستقبل وهذا الامر لا يعلمه إلاّ الله لذا فان الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعلم من هم المهتدون ومن هم الضالون، قد يستطيع الانسان الى حد ما بالاستعانة بعقله معرفة الحق من الباطل، ولكن اين علم الانسان القاصر من علم الله الكامل الشامل. كما ان الانسان معرض للخطأ وهو يستحيل على الله سبحانه وتعالى. لذا تؤكد هذه الآية على وجوب اتباع الله في هذه الامور فهو اعلم بالاشياء وهو يهديكم بعلمه.
من هذه الآية نستنتج:
- مع ان الانسان عاقل وعالم ولكن الله جل جلاله أعلم، والعقل يأمرنا باتباع الاعلم
- علينا ان لا نحذع الله بالرياء والنفاق فهو يعلم الظاهر والباطن والسر والعلن ويعلم المهتدين من الضالين.
والآن ايها الاعزاء تعالوا لننصت خاشعين الى تلاوة عطرة للآيتين 118 و119 من سورة الانعام:
فكلوا مما ... بالمعتدين
ادامة للمواضيع السابقة حول علامات التوحيد والشرك، تشير هذه الآية الى علامة واضحة من علامات الشرك في حياتنا فتبين لنا: ان الابتعاد عن سبيل الله اساس الانحراف والارتماء في هاوية الافراط والتفريط، حتى في الاكل يسمح البعض لانفسهم بذبح اي حيوان واكله دون حدود، والبعض الآخر ينظرون الى ذبح الحيوانات على انه امر غير اخلاقي وغير انساني فيبتنعون عن اكل لحوم الحيوانات، ويؤلد القرآن بهذا الصدد أنه ليسوا اولئك على حق ولا هؤلاء، بل اذبحوا الحيوانات التي احلها الله لكم بعد ان تذكروا اسم الله عليها وكلوا منها، واعلموا انه لا يحق لكم قتل اي حيوان، إلاّ باذن الله، فهو المالك الحقيقي للحيوانات، بالاضافة الى ذكر اسم الله اثناء ذبحها ليمتزج الايمان مع التغذية، كما ان سلامة اللحم ضروري لسلامة ابدانكم، كذلك فان ذكر اسم الله ضرورية لروحكم كي تتسافى وتتكامل.
وتستطرد الىية الكريمة القول بما معناه: كما يحب الله لكم ان تجتنبوا ما حرمه، كذلك يحب ان تأكلوا ما احله لكم، فلا تحرموا ما احله الله لكم، فلا افراط ولا تفريط، فكلاهما ينشأ عن الاهواء والميول والشهوات التي يتبعها الجاهلون وهذه التصرفات نوع من الاعتداء، الاعتداء على الحقوق الالهية واعتداء على الحقوق الانسانية.
ومن هاتين الآيتين نتعلم:
- حتى غذاء وطعام المؤمن يجب ان تكون له صبغة الهية لان الدين لا ينفصل عن دنيا البشر، وان تناول الاغذية الحلال من الايمان.
- يجب ان يكون طعام الانسان تبعاً للحرام والحلال، وليس للاهواء والميول النفسية.
- في الحالات الضرورية، يجوز تناول الاطعمة المحرمة بمقدار ما يرفع الجوع.
مستمعينا الى هنا نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية في ايران. على امل اللقاء بكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج نستودعكم الله والسلام عليكم.