بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم اعزائي المستمعين ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في حلقة أخرى من سلسلة حلقات نهج الحياة، ونبدؤها بتلاوة عطرة للآية 75 من سورة الانعام فلننصت اليها خاشعين:
وكذلك... الموقنين
سبقت هذه الآية آيات كرمة بينت ان النبي ابراهيم تصدى لمحاربة الافكار والعقائد المنحرفة بالمنطق والاستدلال، واظهر برائته من عبادة الاصنام.
وفي هذه الآية يبين الله جل جلاله: ان تصدي ابراهيم الحازم امام عبادة الاصنام جعله يرى حقائق مهمة عن السموات والارض فرأى باطن الوجود واستيقن ان الله مالك كل شيء وإن الحكم له وحده. من هذه الآية نتعلم:
- ان من يتعرف على الحقائق ويدعو الآخرين اليها، يزيد الله من هدايته الى درجة رؤية ملكوت السموات والارض.
- علينا ان لا نقصر نظرتنا على ظاهر الاشياء بحيث لا نرى من الدنيا إلاّ ظاهرها، بل علينا التفكر في العلاقة الوجودية بين الله والانسان.
ايها الاخوة، تعالوا الآن لننصت الى تلاوة الآية 76 من سورة الانعام، قبل تقديم تفسيرها:
فلما جنّ عليه........... لا احب الآفلين
في زمن النبي ابراهيم، كان المشركون بالاضافة الى عبادة الاصنام، يولون اهمية كبيرة للاجرام السماوية كالشمس والقمر والنجوم، ويعتقد الناس بتأثير منازلها على مصائرهم كما هو سائد اليوم في التعابير الادبية حيث يقال مثلاً: ان نجم فلان قد طلع او ليس لي في هذه السماء الواسعة نجم واحد. النبي ابراهيم تصدى لهذا النوع من الاعتقاد بطريقة خاصة، حيث اظهر نفسه واحداً منهم في حب الشمس والقمر والنجوم وعبادتهم. ولكن لأن حال هذه الكواكب والسيارات متغير دائماً بين طلوع وافول فقد قال: ليس جديراً بالعبادة كل كوكب يأفل ويغرب، فالاله الذي تتحكم به قوانين الطبيعة ولا سلطة لها عليها، ليس بامكانه التأثير في مصيري.
من هذه الآية نستنتج:
- إن احدى طرق الدعوة هي مماشاة الناس الضالين فيما يفهمونه والاستدلال بالمنطق الفطري والطبيعي الذي يؤمنون به.
- المعبود يجب ان يكون محبوباً لدى الانسان، لان العبادة لها علاقة بقلب الانسان ولبه وليس بحسّ الانسان وعقله.
نواصل تقديم برنامج نهج الحياة على مسامعكم الكريمة، فتعالوا لننصت خاشعين الى تلاوة الآيتين 77 و78 من سورة الانعام:
فلما رأى........ مما تشركون
تعقيباً على الآية السابقة حول عبادة النجوم ورفضها، تتحدث هاتان الآيتان عن عبادة الشمس والقمر وذلك عندما رأى النبي ابراهيم القمر والشمس ادّعى الايمان بها وعبادتها –كباقي الناس- بل حتى انه ابدى اهتماماً اكبر بالشمس لانها اكبر، ولكن عندما غاب القمر وغربت الشمس حذر الناس من ان هكذا كواكب مسيّرة ومحكوم عليها بالطلوع والافول ولذلك فهي لا تصلح ان يعبدها الانسان، وخاطب النبي ابراهيم الناس ان عبادة هذه الكواكب خطأ وضلال، وإن عبادتهما مثلكم فاني اكون اذن من الضالين، فكيف تعتقدون انها تشارك الله في تدبير امور الكون، في حين انها ليست لديها اية قدرة بذاتها.
من هاتين الايتين نتعلم:
- الطريقة التي يتبعها الانبياء بالدعوة هي تنبيه الفطرة وتفعيل العقول.
- علينا المضي خطوة فخطوة في التامل مع الافكار والسلوكيات المنحرفة كابراهيم (ع)، الذي بدء برفض عبادة النجم ثم القمر واخيراً الشمس
والآن ايها الاكارم سننصت واياكم خاشعين الى تلاوة الآية 79 من سورة الانعام لنتبعها بتفسيرها:
اني وجّهت... المشركين
قال ابراهيم (ع) في اعقاب استدلالاته المنطقية والفطرية للمشركين وعبدة الاصنام والكواكب (الشمس والقمر والنجوم): لا يمكن لاي من هذه الاشياء ان تكون ربي، بل ان ربي هو خالقي وخالق كل هذه الاشياء والاجرامن وهو الذي خلق السموات والارض، وانا قد توجهت اليه وتعلقت به وحده لا شريك له لاني أتبع السبيل المستقيم والنهج الحق.
من هذه الآية نتعلم:
- حالما تتكشف لنا الحقيقة، علينا اعلانها للملأ بكل حزم وصراحة واعلان برائتنا من الباطل.
- يكون الابتعاد عن الشرك بان يتوجّه الانسان الى الله في جميع افعاله، واعلموا ان اي اهتمام بشكل مستقل بالاشياء والافراد هو ابتعاد عن التوحيد ودخول في الشرك.
اعزائي المستمعين وبهذا نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، حتى لقاء قادم نستودعكم الله والسلام عليكم.