بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اهلاً بكم الى حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة لنقدم لكم تفسيراً مبسطاً لآيات من كتاب الله العزيز. ونبدء البرنامج بتلاوة عطرة للآية 53 من سورة الانعام فلننصت اليها خاشعين:
وكذلك فتنا... بالشاكرين
واشارت الآيات السابقة الى أن بعض الناس يتوقعون ان الانبياء يجب ان يصحبهم ملائكة او يكونون كالملائكة، فلا تصدر منهم تصرفات طبيعية يقوم بها البشر الطبيعيون كتناول الطعام والنوم واتخاذ الازواج. ويعتقدون ان الانبياء يجب ان يعلمون الغيب فيخبرون الناس عن الماضي والمستقبل ويفعلون الاعاجيب بشكل غير متوقع كالمعجزات.
وهذه الآية اشارت الى امر آخر يتوقعه الناس، فتقول ما مضمونه بعض الذين لهم منزلة اجتماعية لجاههم ومالهم، عندما يشاهدون بساطة حياة النبي (ص) يقولون: هل اختار الله هكذا انسان من بيننا ليوحي اليه؟ ونحن أحق بالوحي منه فنحن افضل منه. فيجيب القرآن: ان شرط نزول الوحي على بشر ليس المال والجاه والمنصب كي ترون انفسكم احق منه وافضل، بل شرطه الكفاءة والاستعداد، والله أعلم باحوال عباده وهو أعلم بمن تتوفر فيه هذه الميزات. ومن هذه الآية نتعلم:
- احد أشكال الامتحان الالهي، التفاوت الطبقي بين الفقراء والاغنياء.
- ما اكثر الفقراء الشاكرين وبسبب شكرهم ينعم الله عليهم. وما اكثر الاغنياء المغرورين بثرواتهم وقد لعنهم الله بسبب جحودهم.
والآن ايها الافاضل سننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآيتين 54 و55 من سورة الانعام قبل ان نقدم لكم تفسيرها.
واذا جاءك.......... سبيل المجرمين
هاتان الآيتان تأمران النبي ان لا يطرد المؤمنين حتى اذا كانوا مذنبين، بل يفتح لهم ذراعيه ويحييهم ويبشرهم بمغفرة من الله ان تابوا، في المجتمع الاسلامي، يجب ان تبنى الاواصر بين الناس وبينهم وبين القيادة على اساس المحبة والعلاقات الحميمة، فكلما ان الله جعل اساس علاقته بعباده الرحمة، وحتى انه بشر العاصين بالمغفرة وقبول توبتهم وأمر النبي ان يصلي ويسلم عليهم. فكذلك امر الناس ايضاً بالصلاة والسلام على النبي ويذكرونه بكل خير.
من الواضح ان ترسيخ علاقة كهذه بين الامة والامام، يبعد المجتمع عن جميع اشكال الحقد والضغينة، وحتى العاصين بدلاً من طردهم وهجرهم يعدهم الله ان يغفر لهم ويقبل توبتهم ان تابوا، طبعاً هذا عن العاصين الذين ارتكبوا الذنوب بسبب غفلتهم وغلبة اهوائهم، وليس من ارتكبوها عن علم وعمد، ويستمرون على ارتكاب الذنوب ويصرون عليها.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- لقاء النبي (ص) سبيل لتلقي الالطاف الالهية، وكل من يلقى النبي (ص) يكون محط صلاته وسلامه (ص).
- ان يرتكب الذنوب نتيجة الغفلة يغفر الله له، وان كان بسبب العناد والاصرار لن يغفر الله له.
- ان الله يتقبل التوبة اذا صاحبها تلافي ما مضى واصلاح الاخطاء.
- ان الله فرض على نفسه الرحمة ولكن شرط نزول الرحمة هو الابتعاد عن الذنوب والتوبة.
والآن ايها الاكارم لننصت خاشعين الى تلاوة الآية 56 من سورة الانعام:
قل إني نهيت..... وما انا من المهتدين
ازاء دعوة النبي الناس الى التوحيد وعبادة الله، كان المشركون يدعون النبي (ص) الى عبادة اصنامهم وان يقلع عن دعوتهم ويرتد الى دين آباءه واجداده، وهذه الآية تأمر النبي كي يخبرهم بكل صراحة انه لن يرتد عن دينه، ولن أعبد ما تعبدون ولن اطيعكم فيما تدعونني اليه، فهذا ضلال.
ويصف القرآن عبادة الاصنام والاوثان بانه نوع من انواع اتباع الاهواء، حيث لا يوجد دليل منطقي لفعل هذا، ولا ينطبق مع العقل والحكمة، ان يصنع انسان شيئاً بيديه ويسميّه صنما ثم يركع امامه ويسجد له ويعبده وهو جماد وليس له فضل على الانسان.
من هذه الآية نتعلم:
- يجب الوقوف بكل صلابة امام طلبات المعاندين غير المنطقية والاعلان بكل صراحة عن رفضها واعلان البرائة منها، وغلق الطريق امام كل حل تسووي معهم.
- يجب على المبلّغين عدم الاستجابة لرغبات المشركين غير المنطقية لغرض جذبهم.
والى هنا اعزائنا نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، حتى نلتقيكم في حلقة قادمة، نستودلكم الله والسلام عليكم.