بسم الله الرحمن الرحيم السلام على اعزائنا المستمعين ورحمة الله وبركاته، واهلاً بكم في هذا البرنامج القرآني الذي يقدم لكم تفسيراً مبسطاً لآيات القرآن الكريم. ونبدؤه بتلاوه عطرة للآيات 84 الى 86 من سورة المائدة فلننصت اليها خاشعين:
وما لنا لا نؤمن ................. اصحاب الجحيم
قلنا في الحلقة السابقة ان جماعة من المسيحيين حال سماعهم لآيات من سورة مريم بكوا فرحاً وشهدوا بان القرآن حق، وهذه الآيات تتم ما بدءته آيات الحلقة السابقة مبينة ان هؤلاء اذ عنوا للقرآن وقالوا لا نفسهم لماذا لا نؤمن بهذا الكلام الحق – كلام الله الذي نزل منه تعالى لهذايتنا؟ افلا نأمل ان ندخل مع الصالحين الى الجنة؟
وفي هذه الآيات جعل الله عزوجل اجر هذا الا قرار والاعتراف ادخالهم في جنة الخلد التي هي مثوى الاطهار المحسنين والتي لا سبيل الى دخولها إلاّ هذا وتستطرد الآيات القول: وهناك جماعة لم تتقبّل هذه الحقيقة وانكرتها واولئك مثواهم نار جهنم. نستنتج من هذه الآيات:
- عندما يعرف الانسان الحق، لا تكون امامه اية ذريعة لانكاره.
- الايمان والاعتقاد بوجود الله لا ينفصل عن الايمان بالوحي، وعبادة الله لا يفكر بهداية الخلق- عبث ودون جدوى.
- سبيل ادراك الحقيقة، والحركة نحو الكمال، هو العودة الى الضمير وسؤال النفس، والله سبحانه وتعالى اثنى على من يسلك هذا السبيل.
والآن ايها الافاضل ننصت خاشعين لتلاوة الآية 87 من سورة المائدة:
يا ايها الذين آمنوا ................ لا يجب المعتدين
كما ورد في الروايات التاريخية، ان رسول الله (ص) اخبر الناس ذات يوم عن احداث يوم القيامة فتأثر بعض المسلمين وبكوا وصمموا ان لا يتناولوا طعاماً لذيذاً وحرموا على انفسهم الراحة والمتعة، وقرروا ان يقضوا لياليهم بالعبادة وايامهم بالصيام ويهجروا زوجاتهم، وأقسموا على ذلك، فلما سمع بهم النبي، جمع الناس في المسجد وبيّن لهم أن (الاسلام) ليس دين عزلة ورهبانية، وأن ما قام به هؤلاء هو خلاف سنته (صلى الله عليه وآله).
وهذه الآية ايها الاكارم تشير الى الاعتدال في المعيشة وتقول ما معناه: كما حرّم الله عليكم بعض الامور ولم يجز لكم فعلها، فقد احل لكم امور ولم يجز لكم ان تحرموها. والانسان المؤمن مطيع لامر الله، وانما يسير في حدود القوانين الالهية لا يتقدم عنها خطوة ولا يتأخر، وان تحريم الانسان لما احلة الله له إنما هو تجاوز للحدود الالهية وهذا يتنافى مع روح الايمان. نستنتج من هذه الآية:
- ان الله قد اباح للمؤمنين الاطعمة والاشربة واللذات الحلال، وتركها يعتبر اهمال للطف والعناية الالهية.
- الاسلام دين الفطرة، وترك الطيبات خلاف فطرة الانسان.
- لا افراط ولا تفريط في الاسلام، وكلاهما تجاوز للحدود الالهية فلا يجوز تحريم الحلال واحلال الحرام، هذا الامر بيد الله وليس بيد البشر.
مع انه يجب عدم منع النفس عن الحلا والمباح، ولكن يجب عدم الاسراف في الاستفادة مما هو مباح.
والآن ايها الاخوة لننصت خاشعين الى الآية 88 من سورة المائدة:
وكلوا مما رزقكم ............ به مؤمنون
بعد نهي الناس عن ترك اللذات المباحة تأمر هذه الآية بالاستفادة من هذه المباحات وتقول ما مضمونه: لا تظنوا ان الاستفادة من الدنيا امر مذموم وغير مقبول، بل ان جميع النعم الالهية رزق لكم خلقها الله لكم فأنتم مكلّفون بالاستفادة من هذه الامكانات، ولكن هناك امر مهم وهو عليكم برعاية التقوى والانصاف في الاستفادة منها. ولذلك نهت آيات اخرى عن الاسراف.
من هذه الآية نستنتج:
- ان الاستفادة من الامكانات الدنيوية لا تتنافى مع الايمان بل هي من علائم الايمان.
- ليست التقوى ترك الدنيا، بل الاستفادة الصحيحة من الدنيا لاجل الآخرة.
ايها الاعزاء وبهذا نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران على امل ان نلتقيكم ثانية متمنين ان يوفقكم الله لمعرفة دينه واتباع اوامره والانزجار عن نواهيه، نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.