بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ايها الاعزاء ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في حلقة اخرى من برنامج نهج الحياة لنواصل التعرف على تفسير آيات كتاب الله الحكيم، ونبدء البرنامج بتلاوة الآية 72 من سورة المائدة فلننصت اليها خاشعين:
لقد كفر الذين....................... من أنصار
في آيات سابقة لهذه الآية اشار القرآن الكريم الى انحرافات اليهود الفكرية والعقيدية وذكرهم بماضيهم ليدعوا العناد والمكابرة ويذعنوا للحق.
هذه الآية والآيات التي تليها تخاطب المسيحيين بما معناه كيف ترفعون، المسيح الذي كان نبياً من انبياء الله الى مصاف الله وتعتقدون بربو بيته؟ فهل ادّعى المسيح لنفسه ذلك؟ ام انكم قلتم هذا لتعظيم دينكم امام اليهود؟ وعند ذلك يشير القرآن الى مخاطر هذه العقيدة فيقول لهم ما مضمونه: ان مبالغتكم حول السيد المسيح لا ترقى بايمانكم، وليس هذا فحسب بل هي عامل شرك وابتعاد عن التوحيد وانتم بهذا الادّعاء لن تتقربوا الى الله بل على العكس اشركتم السيد المسيح في الالوهية مع الله وبهذا تهجرونه وتهجرون تعاليمه، وهذا الابتعاد عنه في الدنيا سيؤدي بكم الى الابتعاد عن الجنة وعن رحمة الله في الآخرة ودخولكم عذاب النار، العذاب الذي لا يستطيع احد تحمّله ولن يساعدكم عليه احد.
العجيب انه حتى في الاناجيل الموجودة في زماننا لم يدّع السيد المسيح شيئاً كهذا في آية واحدة، بل حتى انه في انجيل مرقصى الفصل -12 الآية 29 يقول (ع): ربّي وربّكم واحد.
ومن هذه الآية نستنتج:
- أنه ومثلما ان اي نقص في الايمان والاعمال مرفوض، كذلك فان الغلو والزيادة بالقادة الالهيين غير جائز، والغلو نوع من الشرك والكفر حتى وإن ادّعى صاحبه الايمان.
والآن ايها الاخوة لننصت خاشعين الى تلاوة للآيتين 73- 74 من سورة المائدة:
لقد كفر الذين قالوا.............. والله غفور رحيم
الآية السابقة بينت عقيدة المسيحيين حول السيد المسيح وانهم رفعوه الى مصاف الله، وهذه الآية توضح عقيدتهم حول الله خالق الكون وانهم انزلوه من منزلته وجعلوه واحد من ثلاثة ارباب، في حين إن الالوهية لا تنفصل عن الخالقية، وان كان خالق الكون واحداً فالرب ايضاً واحد، وتهدد بقية الآية اللذين يصرون على هذه الافكار المنحرفة بالقول: ان اللذين لا يريدون العدول عن عقيدتهم سيصيبهم عذاب اليهم، واذا تابوا وانابوا الى الله سيشملهم الله برحمته وينجون من العذاب. ومن هاتين الآيتين نستنتج:
- القرآن لا ينفى الاديان والانبياء السابقين، فبالاضافة الى الإقرار بنبوة الأنبياء السابقين (عليهم السلام) ورسالاتهم اقدم على القضاء على التحريف الذي نالها.
- ليس الكفر هو إنكار وجود الله فحسب، بل ايضاً الاعتقاد بوجود شريك له.
- ان الله يغفر ما مضى وما تقدم بلطفه ورحمته بشرط التوبة من الذنوب.
اما الآن فلننصت خاشعين الى تلاوة الآية 75 من سورة المائدة:
ما المسيح بن مريم ................ انّى يؤفكون
بعد بيان عقيدة المسيحيين حول السيد المسيح في الآيات السابقة جاء القرآن في هذه الآية بثلاثة أدلّة على عدم الوهية المسيح، اولاً: أنه قد ولدته امرأة والله لم يولد، ثانياً: انه قد سبقه انبياء كالنبي آدم الذي لم يولد لأم ولا لأب ولم يحسبهم احد آلهة. ثالثاً: على فرض ان المسيح صار الهاً بعد ولادته فلم بقي اذن هو وامه كبقية البشر يأكلان الطعام الى آخر حياتهم ويحتاجان الى الطعام فأي الله هذا الذي يحتاج الى شيء. من هذه الآية نستنتج:
- التمتع ببعض الميزات ليست دليلاً على الالوهية، وحتى معاجز الانبياء ليست دليلاً على الوهيتهم.
- صدق الكلام وصدق الاعمال من اعلى القيم الانسانية لدى الله تعالى وقد اسبغ هذه الصفة على مريم إجلالاً لها.
- إن السيدة مريم وابنها النبي عيسى بشر ان وإن تمتعا بالكمالات الاخلاقية.
مع تمنياتنا ان يوفقنا الله للتعرف على التعاليم الدينية ورعاية الاعتدال في العقيدة والعمل، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.