بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين وافضل للصلاة واذكى التسليم على الهادي الأمين نبينا محمد واله الهداة المهديين، اسعد الله اوقاتكم بالخير مستمعينا الكرام وأهلاً بكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج.
اعزاءنا المستمعين لقد وصلنا في رحلتنافي رحاب القرآن الكريم الى الآية السابعة والأربعين بعد المئة من سورة النساء، حيث يقول تعالى فيها:
ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وامنتم وكان الله شاكراً عليماً
في الأيات السابقات التي مرت علينا جاء حديث عن العذاب الأليم الذي ينتظر المنافقين، لكن هذه الأية تؤكد ان الله تعالى لا يعذب عبداً من عباده بقصد التشفي والأنتقام او من اجل اظهار قدرته، بل ان كل جزاء يناله الأنسان انما هو انعكاس لسلوكياته ويدعو القرآن هنا كذلك الى شكر نعم الله والأستفاده من هذه النعم بما يرضي الله تعالى شأنه وان الأنسان لا يناله عذاب الله اذا كان شاكراً لنعمه وكان قلبه بالأيمان عامر وعمله صالح.
ويقول تعالى في الأيتين الثامنة والأربعين والتاسعة والاربعين بعد المئة من سورة النساء:
لا يحب الله الجهر بالسؤ من القول الامن ظلم وكان الله سميعاً عليماً ان تبدوا خيراً او تخفو او تعفوا عن سوء فأن الله كان عفواً قديراً
تشير هاتان الأيتان الى اساس مهم في العلاقات الاجتماعية وهو العفو والصفح عن هفوات الأخرين بدلاً من تقصي عيوبهم ونقائصهم فالله تبارك وتعالى هو ستار العيوب وهو يحب الستر. لكن كل هذا لا يعني ان يسكت المظلوم امام ظلم الظالم خصوصاً اذا كان في ذلك السكوت تضييع لحقه واهدار لكرامته
والذي نتعلمه من هذا النص القرآني الكريم استحباب العفو عند المقدرة على العقاب ففي العفو حلاوة ولذة لا يجدها الانسان في العقاب.
ولنا في هدي الله تعالى وسنة رسوله (ص) والأئمة الطاهرين اسوة حسنة فالله تعالى يقول وان تعفوا اقرب للتقوى وقد عفى رسول الله (ص) عن قاتل عمه حمزه وكان اسمه وحشي وكان غلاماً لجيير ابن مطعم القرشي وعفى الأئمة الهداة عن الكثيرين ممن تسببوا في اذاهم وهذا هو ميزان الخلق القويم.
ويقول تعالى في الأيتين الخمسين والحادية والخمسين بعد المئة من سورة النساء:
ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلاً اولئك هم الكافرون حقاً واعتدنا للكافرين عذاباً مهينا
ان بعضاً ممن هم على الأديان الألهية يتصورون ان نبيهم فقط على نهج الحق وغيره من الأنبياء والرسل (ع) ليسوا كذلك والحقيقة ان كل الانبياء والرسل (ع) مبعوثون من لدن الله العزيز الحكيم لا فرق بين نبي وآخر لكن من الواضح انه لابد من الأيمان بآخر الأنبياء وخاتمهم لان شريعته المقدسة خاتمة الشرائع.
ويتوجه الخطاب في هذا النص القرآني المقدس الى اليهود الذين انكروا نبوة عيسى (ع) والى النصارى الذين انكروا نبوة النبي محمد بن عبدالله (ص) خاتم الأنبياء والرسل.
ولا يتلائم مع الأيمان الحقيقي التعامل المزدوج وهو ان يؤمن الأنسان بشيء ما ويكفر بآخر والذي نستفيده هنا:
اولاً: ان الأيمان بحقانية جميع الأنبياء (ع) امر لازم ولابد من احترام كل الكتب السماوية فكلها نابعة من سراج منير هو الذات الالهية المقدسة.
ثانياً: الدين مجموعة متواصلة من العقائد والأحكام فلا يجوز الأيمان ببعضها والكفر بالبعض الآخر.
ثالثاً: حتى انكار جزء يسير من الأمور الدينية يؤدي الى الكفر اعاذنا الله تعالى منه.
ويقول تعالى في الآية الثانية والخمسين بعد المئة من سورة النساء:
والذين امنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين احد منهم اولئك سوف يؤتيهم اجورهم وكان الله غفوراً رحيماً
تشير هذه الاية الى خصائص المؤمنين الحقيقيين فالمؤمن الحقيقي هو الذي يؤمن بكل الرسل والأنبياء (ع) ولا يتعصب في دينه والمؤمنون الحقيقيون ينالون رحمة الله ورضوانه انهم الفائزون حقاً في الدنيا وفي الآخرة.
حضرات المستمعين الأفاضل، هكذا انتهت حلقة اخرى من برنامج نهج الحياة، الى اللقاء والسلام عليكم.