البث المباشر

تفسير موجز للآيات 104 حتى 109 من سورة النساء

الثلاثاء 28 يناير 2020 - 10:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 140

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم محمد واله الطاهرين، السلام عليكم حضرات المستمعين، هذا لقاء قرآني جديد وتفسير موجز لآيات الذكر الحكيم، حيث نبدأ بالأية الرابعة بعد المئة من سورة النساء.يقول تعالى:

ولا تهنوا في ابتغاء القوم ان تكونوا تألمون فأنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيماً

كما جاء في تاريخ الرسالة فأن كفار مكة وبعد ان انكسر الجيش الأسلامي في حرب احد قرروا مهاجمة المدينة للقضاء على الأسلام بالكامل.فنزلت هذه الآية وامر النبي (ص) بالتعبئة العامة وحتى الذين جرحوا في احد أستعدوا للذود عن الاسلام على ان هذا الأستعداد القتالي اللائق جعل الكفار يتراجعون عن مهاجمة المدينة عاصمة الدولة الأسلامية الفتية.

والنقطة المهمة التي تؤكد عليها هذه الآية المباركة هي ان الحرب تؤدي الى الحاق الخسائر بالطرفين وهذا امر بديهي فكل حرب فيها قتلى وجرحى واسرى وربما مفقودون. لكن المهم في كل حرب هو الهدف منها والعاقبة التي تنتهي اليها. والجيش الأسلامي على خلاف جيش الكفار محفوف بالأمدادات الألهية. اما جيش الكفر فلا ملجأله ولا مأدى وقتلى المسلمين شهداء في الجنة وعند ربهم يرزقون. اما قتلى الكفار فأنهم في جهنم وسادت لهم مصيراً.

ونتعلم من هذه الأية الأمور التالية:

اولاً: لا ينبغي ان يتسرب اليأس الى قلوب المقاتلين المسلمين اذا ما حدثت هزيمة مثلاً ولابد للمسلمين من جعل معنوياتهم على الدوام في مستويات عالية من خلال التوكل على الله تعالى وانتظار رحمته جلت قدرته.

ثانياً: الأمل في لطف الله تعالى هو اكبر رأسمال للمقاتل المسلم، وفي الشهادة والأنتصار السعادة.

ثالثاً: ان الله تعالى لا يضيع اجر من احسن عملاً وهو تعالى يجزي ويثيب على اساس حكمته المتعالية.

 

ويقول تعالى في الأيتين الخامسة والسادسة بعد المئة من سورة النساء المباركة:

انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً واستغفر ان الله كان غفوراً رحيماً

 جاء في التفاسير ان احد المسلمين سرق من آخر درعاً ولما اوشك امره على الأفتضاح القى بالدرع المسروقة في بيت يهودي ليتهم ذلك اليهودي بالسرقة وطلب من اصدقائه ان يشهدوا ضد اليهودي وحكم النبي (ص) على اساس شهادة الشهود بأن السارق هو اليهودي وبرأ المسلم، فنزلت هذه الاية الشريفة لتبيين الحقيقة.

وفي القانون الأسلامي فأن البينة على من ادعى واليمين على من انكر، وحيث ان صاحب الدرع اقام البينة فلا مناص من الحكم على اساسها وحكم النبي (ص) هنا كان على اساس الموازين الشرعية ولم يكن فيه انحياز.

وهناك كان نزول الوحي لابد منه لتوضح الأمر وفي هذه الحادثة دليل على نبوة رسول الله (ص) الذي كان متصلاً بالوحي الألهي ومحفوفاً بالأمداد الرباني.

ونتعلم من هذا النص القرآني مايلي:

اولاً: القرآن اساس الحق ولابد لأي قاضي ان يحكم على اساس القرآن ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون وفي آيه هم الظالمون وفي اخرى هم الفاسقون. والكافر والظالم والفاسق لا يصدق عليه عنوان العادل حيث ان العدالة من شروط القضاء المقررة في الفقه الأسلامي.

ثانياً: في محكمة العدل الأسلامية يتساوى المسلمون مع غيرهم من اتباع الأديان الأخرى وهذا من سماحة الأسلام وعلو شأنه.

 

ويقول تعالى في الايات السابعة والثامنة والتاسعة بعد المئة من سورة النساء المباركة:

ولا تجادل عن الذين يختانون انفسهم ان الله لا يحب من كان خواناً اثيماً يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم اذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ها انتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ام من يكون عليهم وكيلا

يحذر الله تعالى في هذه الايات القضاة ويبين لهم انه لا ينبغي للقاضي ان ينحاز الى الخائن اوان يتجاوز حدود الحق والقانون ويستفاد من آيات الذكر الحكيم ان الخائن يضر نفسه قبل الأضرار بغيره ذلك انه يهىء بخيانته الأجواء المظلمة لخيانة الأخرين اما هو بخيانته يبتعد عن فطرة الله الطيبة وتخلو روحه من الصفاء وفي ثقافة القرآن فأن ابناء المجتمع بمنزلة اعضاء البدن الواحد ومن يخن الآخرين فكأنما خان نفسه.

هذا وان من اهم عوامل التقوى الأيمان بعلم الله المحيط فأنه تعالى لا يخفى عنه شىء لا في الأرض ولا في السماء.

وليعلم الظلمة ان المظلوم اذا ما اجحف حقه في الدنيا لسبب من الأسباب فأن الله يوم القيامة وفي المحكمة الألهية العادلة ينصفه ويرد له حقه.

نسأل الله تعالى ان يوفقنا في الثبات على ديننا وان يلهمنا رعاية العدل والأنصاف والأمانة انه سميع الدعاء

طبتم وطابت اوقاتكم بالخير حضرات المستمعين الأفاضل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة