بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين، من ارسله الله رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين، السلام عليكم مستمعينا الكرام واهلاً بكم في حلقة جديدة من البرنامج القرآني نهج الحياة
اعزاءنا المستمعين، لقد قدمنا لكم حتى الآن تفسيراً ل 99 آية من سورة النساء، وفي هذه الحلقة نبدأ بالآية المئة من هذه السورة المباركة، حيث يقول تبارك وتعالى:
ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ، ومن يخرج من بيته مهاجراً الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً
في الحلقة الماضية من هذا البرنامج ذكرنا بأن الأنسان المؤمن لا يقيد نفسه بمكان دون مكان ذلك ان المهم عنده عبادة الله وحتى اذا ندب الى حب الوطن وقيل انه من الأيمان فأن هذا الحب لا ينبغي ان يرقى الى حب الله تعالى شأنه ومن هنا فأن من لم يتمكن من الحفاظ على دينه في وطنه فعليد الهجرة الى مكان آخر غيره. فأرض الله واسعة ، وللانسان المؤمن ان يهاجر فيها طلباً لمرضاة الله تعالى، وفي الهجرة في سبيل الله اتساع للرزق.
وقد قال الشاعر وربما نسب ما نريد ذكره الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه:
تغرب عن الأوطان في طلب العلى
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
هذا في الدنيا وللمهاجر في سبيل الله الآخرة وهي خير وابقى ، فمن يهاجر في سبيل الله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على الله.
وتعلمنا من هذه الآية:
اولاً: اننا مكلفون بالواجبات الألهية وليس المهم النتيجة الناشئه عنها
ثانياً: العزلة والأنزواء لا يفيد ان الأنسان في شىء وعلى الانسان ان يسعى ويثابر فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور.
ويقول جلت اسماؤه في الآية الأولى بعد المئة من سورة النساء:
واذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا، ان الكافرين كانوا لكم عدواً مبيناً
تبين هذه الاية الكريمة حكم صلاة المجاهدين والمهاجرين، وكان المسلمون في صدر الأسلام يتصورون ان تقصير الصلاة اثم وحرام، فانزل الله تعالى هذه الأية التي تأمر بتقصير الصلاة حال الجهاد والهجرة حيث يوجه العدو خطره نحو المسلمين ويستفاد من هذه الاية حكم صلاة المسافر اذ يجب على المسافر بشروط مذكورة في المدونات الفقهية ان يقصر صلاته في السفر اي يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين، والشرط الاول من شروط قصر الصلاة وصلاة المسافر قطع المسافة التي لابد ان تكون ثمانية فراسخ ذهاباً او ثمانية ملفقة من الذهاب والاياب على تفصيل لاحاجة لبيانه هنا.
ونتعلم من هذه الاية:
اولاً: لا ينبغي ان نغفل عن العدو حتى حال الصلاة والأنسان المسلم لابد له ان يهتم الى جانب عباداته بالحفاظ على بيضة الاسلام والذود عن المقدسات الأسلامية.
وثانيا: الصلاة تكليف الهي لا يسقط باي حال من الأحوال وقد جسد ائمه الهدى عليهم الصلاة والسلام هذا المعنى الرفيع في حياتهم السامية الشريفة فهذا الأمام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وبعد ان ضربه اللعين ابن ملجم ادى فريضة الصبح مأتماً بولده الحسن عليه السلام.
وفي واقعة الطف وقف سيد الشهداء الحسين بن علي (ع) يصلي ودونه سعيد بن عبد الله الحنفي يصد سهام الأعداد ونبالهم ولما اثخنته الجراح قال لامامه او وفيت يا ابن رسول الله فقال صلوات الله عليه انت امامي في الجنة
ويقول تعالى في الأيتين الثانية والثالثه بعد المئة من سورة النساء:
واذا كنت فهم واقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة مهم معك وليأخذوا اسلحتهم فأذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة اخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم واسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن اسلحتكم وامتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم ان كان بكم اذى من مطر او كنتم مرضى ان تضعوا اسلحتكم وخذوا حذركم ان الله اعد للكافرين عذاباً مهيناً فأذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم فأذا اطمأنتم فاقيمو الصلاة ان الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا
يبين هذا النص القرآني الشريف كيفية اداء صلاة الجماعة في ميادين الحرب، والذي يستفاد من هذا النص الشريف اهمية الصلاة واستحباب اداؤها جماعة حتى في احلك الظروف مثل الحرب.
وبودنا ان نختم حديثنا في هذه الحلقة بقول لسيد البلغاء وامام الفصحاء الأمام علي بن ابي طالب عليه الصلاة والسلام حول الصلاة. انه في الحقيقة وصية خالدة من بطل الأسلام الخالد حيث يقول (ع)
تعاهدوا امر الصلاة وحافظو عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فأنها كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً
جعلنا الله واياكم من المصلين الناسكين والحمدلله رب العالمين ، والسلام على عباد الله الصالحين.