بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد واله الهداة الميامين، السلام عليكم حضرات المستمعين واهلاً بكم في هذا اللقاء الجديد لدقائق نستظل معاً في ظلال القرآن الوارفة تكون لنا خير الزاد ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون الامن اتى الله بقلب سليم.
يقول تعالى في الآيتين الخامسة والتسعين والسادسة والتسعين من سورة النساء المباركة:
لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله باموالهم وانفسهم فضل الله المجاهدين باموالهم وانفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعدالله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين اجراً عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيماً
تدعو هاتان الايتان المؤمنين الى الحضور الفاعل والناشط في جبهات الحرب والجهاد في سبيل الله وتبين ان للمجاهدين في سبيل الله درجة عظيمة وان مثل هؤلاء المجاهدين اسمى من اولئك المؤمنين الذي قد يتملكهم الخوف فلا يذهبون الى الجهاد ويكتفون بسائر العبادات من الدعاء والصلوات.
وتبشر الأيتان المجاهدين في سبيل الحق بالأجر العظيم يوم الجزاء وهو اجر جزيل ومقرون برحمة من الله ورضوانه، وذلك هو الفوز العظيم.
والله تبارك وتعالى لا يكلف نفساً الا وسعها ومن هنا فأن الجهاد ليس واجباً على الذين لا تتوفر لديهم اللياقة الجسمية والمرضى والعجزة واذا ما شارك هؤلاء المجاهدين بما لهم وبدعمهم فأن لهم اجر كذلك ، فالله سبحانه وتعالى هو المحسن المعطي وهو الذي يكافي على الحسنة بعشر امثالها تبارك ربنا ذو المن والجود.
وفي هذا النص اشير ثلاث مرات الى تفوق المجاهدين على الآخرين من المؤمنين ، لكن هذا لا يعني تجاهل زحمات وخدمات الأخرين، فالله تعالى يفيض من رحمته على الجميع وقد وسعت رحمته كل شيء تبارك اسمه العزيز. وان الأنسان هو الذي ان يعمل على كسب رضى الله ورحمته من خلال الأبتعاد عن الأثام وتطهير الروح وتزكية النفس.
ويقول تعالى في الآية السابعة والتسعين من سورة النساء:
ان الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيم كنتم، قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها فاولئك ما واهم جهنم وساءت مصيراً
يستفاد من بعض الروايات التاريخية ان بعضاً من مسلمي مكة وحفظاً لارواحهم كانوا في بعض الأحيان يجارون الكفار والمشركين، وكانوا في بعض الأحيان كذلك يشاركون في حروب الكفار ويموتون فيها فنزلت هذه الاية التي اعتبرت هؤلاء النفر من المسلمين آثمين ومقصرين، واكدت هذه الأية على ان التمايل الى القوم والعشيرة على حساب الدين ليس امراً مقبولاً وان الأساس هو الحفاظ على الدين المبين، وان استلزم ذلك الهجرة من مكان لآخر.
والذي يستفاد من هذه الاية القرآنية ان الانسان حين الموت تحضر عنده الملائكة وتحدثه وتوبخه اذا كان قداتى بعمل خلاف مرضاة الله تعالى.
ونستفيد من هذه الآية:
- ان الملائكة تعلم اعمال الأنسان هذا اولاً وثانياً فان الهجرة من ديار الكفر والأثم امر واجب على الذين لا يستطيعون حفظ دينهم فيها، وكذلك فانه يحرم الأنضمام الى جيش الكفار والمشركين.
ويقول تعالى في الآيتين الثامنة والتسعين والتاسعة والتسعين من سورة النساء:
الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فاولئك عسى الله ان يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً
تستثني هاتان الآيتان من الهجرة في سبيل الله، الضعفاء من المؤمنين وبشكل عام توجد قاعدة في الأسلام وهي ان القدرة شرط التكليف ومن هنا يستثني الأسلام من التكاليف الشرعية الذين يفتقدون القدرة الفكرية والجسمية فالمجنون مثلاً غير مكلف ومن لا يقدر على اداء الصلاة واقفاً يؤديها جالساً او حتى نائماً مثلاً.
نسأل الله تبارك وتعالى ان يوفقنا لمراضيه وان يجعل مستقبل امرنا خيراً من ماضيه ويمن علينا بالايمان وحسن العاقبة انه الكريم المنان والحمد لله رب العالمين والسلام خير ختام.