بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين، السلام عليكم حضرات المستمعين، اهلاً بكم في حلقة اخرى وجديدة من هذا البرنامج الذي يقدم لكم تفسيراً موجزاً لآيات الذكر الحكيم. وقد كنا في الحلقة الماضية منه انهينا تفسير الآية الثالثة والسبعين من سورة النساء، ونبدأ حلقتنا هذه بالاية الرابعة والسبعين اذ نستمع لتلاوتها بعد فاصل قصير:
فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالاخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل او يغلب فسوف نؤتيه اجراً عظيما
في الحلقة الماضية من هذا البرنامج ذكرنا ان من علامات المنافقين التذرع بذرائع مختلفة للهروب من الجهاد في سبيل الله، لا واكثر من ذلك، ذلك انهم يثبطون معنويات المقاتلين فيحولون دون ذهابهم الى سوح الوغى وجبهات الحرب.
وتأتي هذه الاية لتبين ان الفرار من الحرب دليل على عدم الايمان بالله تعالى وباليوم الآخر. والانسان الذي يؤمن بالجزاء الأخروي ويرى الحياة الدنيا مزرعة للأخرة، فانه وبسهوله يلبس للجهاد لامته ويتفانى من اجل العقيدة والمبدأ. فمثل هذا الأنسان المؤمن يعلم جيداً ان الواجب الشرعي يملي عليه الدفاع عن الدين وحياضه والمقدسات الدينية امام هجمات وتجاوزات الأعداء. وليس المهم النتيجة التي تتمخض عنها الحرب فاذا كان الأنتصار او الانكسار فالمهم هنا الجهاد في سبيل الله لانه في الحالتين انتصار.
ونتعلم من هذه الاية:
اولاً: الهدف من الجهاد في الأسلام الحفاظ على دين الله ورفع كلمته جل جلاله لا فتح البلدان او الأستعمار او الانتقام من الاخرين او التسلط عليهم.
ثانياً: ان من مجالات اختبار الايمان، ساحات الحرب حيث يميز فيها المؤمن عن المنافق.
ثالثاً: ليس في جبهة الحق معنى للانكسار او الشهادة او الانتصار.
ويقول تعالى في الاية الخامسة والسبعين من سورة النساء:
وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم اهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً
تدعو هذه الاية المباركة الى العمل على نجدة ونصرة المستضعفين من كل الفئات، فمن اهداف الجهاد الأسلامي والقتال في سبيل الله تحرير المظلومين من سلطة الظالمين
ونتعلم من هذه الاية:
اولاً: الجهاد الأسلامي جهاد الهي وانساني وحرب لتحرير البشرية
ثانياً: عدم الاكتراث امام استغاثة المظلومين حرام واثم
ثالثاً: لنجدة المظلومين ونصرتهم لابد من الاستمداد من قدرة الله تعالى
ويقول تعالى في الاية السادسة والسبعين من سورة النساء:
الذين امنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت، فقاتلوا اولياء الشيطان ان كيد الشيطان كان ضعيفاً
من اجل ان يتضح هدف الاسلام من الجهاد تأتي هذه الاية لتبين اهداف المؤمنين والكافرين من الحرب وبصراحة، فاهل الايمان يقاتلون من اجل تقوية دين الله لا الوصول الى السلطة والمنصب ذلك ان هدفهم الاول والاخير هو الله تعالى شأنه. اما الكافرون فيقاتلون من اجل تقوية حكومة الظالمين والطواغيت والتسلط على الأخرين وفتح البلدان او ما يسمى في عرف السياسة المعاصرة التوسع السياسي وتبين الاية ان الايمان عامل قوة اما الكفر فمدعاة للضعف لأن كيد الشيطان ضعيف ونتعلم من هذه الاية:
اولاً: ليس من صفات المؤمن العزلة اذ لابد له ان يكون في متن الحياة الأجتماعية ويدافع عن دينه وعقيدته
ثانياً: الكفر والطاغوت والشيطان اضلاع مثلث واحد
ثالثاً: عاقبة من يتبع الشيطان الأخفاق والخسران
نسأل الله تعالى ان ينأى بنا عن وساوس الشيطان ويوفقنا لألتزام جانب الأيمان لنكون في ظلال قدسه الوارفة والسلام عليكم.